المعرفة اسم مشتق من الفعل (يعرف) وتشير إلى القدرة على التميز أو التلاؤم وهي كل ما هو معرف أو ما هو مفهوم. وعليها يعتمد النجاح، فبها أصبح الفقير غنيا والوضيع شريفا والمغمور مشهورا، لأن مركب المعرفة بطبعه يطير بصاحبه، فهو لا يفرق بين الراكب غنيا كان أم فقيرا، شريفا أم وضعيا. فهي ضرورية لصناعة النجاح والحفاظ عليه بعد تحقيقه.
والسؤال هو كيف يمكننا اكتساب المعرفة؟ إن السبيل الوحيد إلى ذالك لا يكون إلا بالرجوع إلى مصادرها والمتمثلة في الدين، التجارب والخبرات والأبحاث لتكوين رصيد معرفي ناتج من حصيلة البحث العلمي والتفكير الفلسفي والدراسات الميدانية والتطوير والمشروعات الابتكارية وغيرها من أشكال الإنتاج الفكري للإنسان عبر الزمان.
فمصدر الدين يعتبر أعظم مصادر المعرفة وأكثرها حقيقة، فالقرآن والسنة والسير وكتب السلف وجميع تعاليم الأنبياء تنفع الناس في دنياهم وآخرتهم لأنها قواعد جاهزة للوعي، أما مصدر التجارب والخبرات والتي هي عبارة عن الخبرات التي تجمعت للناس عبر العصور فهي مصادر غنية بالمعرفة ومتوفرة على شكل كتب في المكتبات العامة ويتم تعليم معظمها في الجامعات والمعاهد، ومصدر الأبحاث لا يقل أهمية عن سابقيه فهو العمل في حقل العلم والمعرفة على جمع وتصنيف وتنظيم حقائق يتم الكشف عنها يوما بعد يوم فهو إبداع واختراع يقوم على منهجية علمية سليمة.
ولا يمكن امتلاك المعرفة وتحويلها إلى قوة وسلطة من المصادر السابقة إلا بتنظيمها في خطط محددة والتعبير عنها بتنفيذها للوصول إلى الغاية المنشودة والهدف المخطط له. ولا بد أن نشير إلى أن المعرفة معرفتان عامة وأخرى متخصصة والأولى قليلة الفائدة في تحقيق القوة والنجاح بينما الثانية هي التي تكسب صاحبها القوة أو السلطة المعرفية بسبب الدقة التي تتميز بها وكونها في إطار خطط محددة تنفيذية.
فاليوم السواد الأعظم من الناس يعتقد أن المعرفة هي القوة وهذا بعيد عن الصواب ومناقض للواقع لأن اكتساب المعرفة لوحدها قوة كامنة ولا تصبح قوة فعلية إلا إذا نظمت في إطار خطط محددة لتحقيق غاية محددة وهذا هو الفرق بين المعرفة العامة والمعرفة المتخصصة.
أما السلطة فهي أنواع ثلاثة تتمثل في السلطة التي يمنحها المنصب وتشمل لقب المنصب والموقع الذي يشغله الشخص في المنظمة والقوة التي يمنحها هذا الموقع للشخص الذي يشغله، والسلطة النابعة من الشخصية ذات الصفات الطبيعية التي يستطيع صاحبها من خلالها التأثير على الآخرين بحيث يعتبره الآخرون قائدا بسبب سلوكه وأسلوب تصرفه، والنوع الثالث من أنواع السلطة فيتمثل في سلطة المعرفة والذي يعتمد على معرفة طريقة التعامل مع المسائل الفنية والمهنية، بعيدا عن الأنواع الأخرى من المعرفة واللازمة في مجالات معينة، والقادة في الماضي كانوا يستمدون قوتهم من سلطة المنصب، أما اليوم فقد تحول اهتمام القادة نحو النوعين الأخيرين من السلطة، بحيث يكون التركيز على أهمية الشخصية والمعرفة، ومثال ذلك الشخصية النبوية صلى الله عليه وسلم والتي جمعت بين الشخصية المثالية والقوة المعرفية ليحقق ذلك القائد أعظم نجاح للبشرية بإرادة الله وتوفيقه والذي ما زلنا نعاصره وستعاصره الأجيال بعدنا إلى يوم الدين.
mohammadaljabri@hotmail.com