Al Jazirah NewsPaper Friday  23/10/2009 G Issue 13539
الجمعة 04 ذو القعدة 1430   العدد  13539

وداعاً.. يا رئيس مركز الأرطاوية
حمدان بن عبد الله العدواني

 

انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ عبد الله بن سلطان الدويش رئيس مركز الأرطاوية في 15-10-1430هـ، وكان من الرجال الذين خدموا دينهم ومليكهم ووطنهم من خلال توليه رئاسة مركز الأرطاوية، طيلة فترة عمله خلال 24 عاماً قضاها مخلصاً لمليكه ووطنه.. وقد قال الله تعالى:{ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}، ويقول تعالى:{قُل لَّن يُصِيبَنَا إلا مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا}.

إن هذه العقيدة إذا رسخت في عقولنا وقرت في ضمائرنا اطمأنت نفوسنا لما كتب الله فأصبحت البلية عطية، والمحنة منحة، فلن تهدأ الأعصاب وتذهب الأحزان والوساوس من الصدور حتى نؤمن بقضاء الله وقدره فلا نُحمِّل أنفسنا الحسرات، ولا نظن أننا بوسعنا إيقاف الأقدار فلله ما قدَّر ولله ما شاء، فالله لا يسلب من الإنسان شيئاً إلا عوَّضه خيراً منه إذا صبر على ما أصابه واحتسب الأجر والثواب.. فالتحلي بالصبر من شيم الأفذاذ الذين يتلقون المكاره والمصائب بقوة إرادة ومناعة أبية.

ولقد فقدنا بوفاة أبي نواف أشياء كثيرة، فقد كان يتصف بصفات قلَّ أن تجدها بغيره، فبالإضافة لكونه من أسرة عريقة ذات حسب ونسب فقد كان يتحلى بحسن الخلق وبشاشة الوجه، والتواضع الجم، وبذل الندى، وكف الأذى، فالتواضع والسخاء وحسن الخلق من كمال الإيمان فعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (خير ما أعطي الناس حسن الخلق)، فقد كان أبو نواف يحب فعل الخير وكان لا يبخل بجاهه لكل طالب له، يقول الشاعر:

الخير يبقى وإن طال الزمن به

والشر أخبث ما أوعيت من زاد

ويقول آخر:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه

لا يذهب العرف بين الله والناس

وقد امتلك أبو نواف حب الناس وعواطفهم ومشاعرهم ببشاشته وطلاقة وجهه، ولين جانبه وسماحته، وفي الحديث: (كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق)، ويقول الشاعر:

تراه إذا ما جئته متهللا

كأنك تعطيه الذي أنت سائله

وقد كان أبو نواف يوقر الكبير، ويعطف على الصغير، ويرحم الفقير، فقد بلغ بسمو أخلاقه منزلة كبيرة بين قومه ومن يعرفونه وكسب احترامهم ورضاهم.. وقد واجه فترة مرضه الطويلة بعزيمة الصبر وقوة الإيمان والاحتساب، فالله سبحانه يقول: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ).. ولم تشغله فترة مرضه وما كان يعاني منه من الآلام ووجوده خارج البلاد عن السؤال عن أحوال من يعرفهم فكان يسأل عن مرضاهم ويواسيهم بموتاهم وكان في آخر اتصال لي به يحمد الله ويشكره على ما هو عليه ولم يكن متذمراً مما أصابه وكان يسأل عن كل كبير وصغير، وأما في أعمال الخير فقد كان رئيساً لجمعية البر الخيرية بالأرطاوية منذ تأسيسها، وكان يحثنا نحن الأعضاء على تلمس احتياجات الفقراء والمساكين والاهتمام بهم، وينفق من ماله الخاص ويوصي بعدم ذكره، وكان محباً للفقراء ومتواضعاً معهم ومتقبلاً لهم. وما هذه الجموع الكبيرة التي حضرت من مختلف مناطق المملكة وبعض دول الخليج لتشييع جنازته والصلاة عليها وأداء واجب العزاء، إلا دليل على ما يكنه هؤلاء له من مكانة ومحبة في قلوبهم.

لقد رحلت بجسدك يا أبا نواف ونعلم أنه رحيل بلا عوده ولكن ستبقى ذكراك الطيبة وسيرتك العطرة عالقة بأذهاننا وراسخة بعقولنا.

أسأل الله أن يجعل ما أصابك من مرض ممحصاً ومكفراً لخطاياك وذنوبك، وأن يرحمك رحمة واسعة، وأن يجعل الجنة مأواك، وأن يعين أهلك وذويك ومحبيك على الصبر والسلوان.

- المرشد الطلابي بمدرسة الإمام أبي حنيفة - وعضو جمعية البر الخيرية بالأرطاوية


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد