Al Jazirah NewsPaper Friday  23/10/2009 G Issue 13539
الجمعة 04 ذو القعدة 1430   العدد  13539
جامعة الملك عبدالله صرح علمي وتقني شامخ
محمود أحمد منشي

 

إن إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هو بمثابة القفزة الهائلة والنقلة النوعية فكانت خطوة موفقة على الطريق الصحيح الذي يحقق أمجادنا وريادتنا التي كان عليها الآباء والأجداد، يعيد سيرتنا الأولى العطرة والناصعة المشرقة عندما برع الأوائل في الطب، الرياضيات، علم الفلك وعلوم أخرى التي كان لها دور كبير في بلوغ الحضارة الإسلامية مرحلة ازدهارها وتوهجها، بهذا نحقق إن شاء الله النهضة والثورة العلمية والتقنية التي ننشدها ونطمح إلى تحقيقها، لكي نواكب ونضاهي التطور المذهل والمتسارع في شتى مناحي الحياة لكثير من دول العالم المتقدم.

إن هذه الجامعة الفتية التي بدأت بداية قوية توافرت لها كافة الأجواء الملائمة وأسباب الرقي والإمكانات الهائلة والدعم المادي المنقطع النظير لتبقى بإذن الله قوية شامخة، جميع الظروف والأرضية المناسبة قد هيأت لها للقيام بالدور المناط بها في مجالين هامين وحيويين هما العلوم والتقنية في مجالات يفتقر إليها العالم العربي، الإسلامي في جامعاته حتى لو كانت موجودة فإنها لن تتوافر لها الإمكانات ولا المناهج ناهيك عن العلماء.

إن إقامة هذا الصرح العلمي الكبير أراد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رعاه الله، بعينه الثاقبة ونظرته الفاحصة وأفقه الواسع أن يضرب المثل للجميع ويحقق الأنموذج العلمي الذي يجب الاحتذاء به عربياً وإسلامياً، لهذا كان ملك الإنسانية واعياً ومدركاً حاجتنا الملحة والمستقبلية لوجود صرح علمي بهذا الحجم يحتضن عقولاً تبني ولا تخرب فقدم حفظه الله هدية غالية سيذكرها التاريخ على مدى العصور وسيعرفها كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة وحتى الأجيال القادمة أن أبا متعب لم يرتض لهذه الجامعة العملاقة التي تحمل اسمه إلا أن تكون منارة للعلم والعلماء، تليق باللقب الذي يحمله وهو خادم الحرمين الشريفين. افتتاح جامعة الملك عبدالله يجعل من المملكة وجهة للعلم والعلماء من جميع القارات، وهي ليست مجرد مؤسسة علمية عادية ولا تستقطب في أروقتها أناساً عاديين بل تستقبل فقط من يتوسم فيهم أن يكونوا علماء المستقبل يمتد علمهم إلى كل أنحاء المعمورة وإلى البشرية قاطبة.

إن هذا الحلم الذي طال انتظاره لخمسة وعشرين عاماً كما صرح به الملك الصالح خلال تدشينه لهذه الجامعة الفتية الذي صادف يوما غاليا على قلوبنا يوم ذكرى التأسيس لدولة التوحيد. رغم الردود التي تحصل كلما أردنا المضي قدماً خطوة فإن المواطن السعودي عليه أن يكون مطمئناً وقرير العينين؛ لأن هذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين قامت وشيدت أركانها والحمد لله على النهج الإسلامي القويم المعتدل ولدى قيادتها وولاة أمرها إدراك وحرص شديدين على أنها حظيت وتشرفت برعاية أقدس وأطهر بقعتين على وجه الأرض، فهي حريصة كل الحرص أن يكون هناك حرص مواز على مستقبل الإنسان في هذا البلد من الناحية الدينية، الاجتماعية والعلمية فكانت ولادة هذه الجامعة الفريدة استكمالاً للمشروع العلمي الذي بدأ قبل أربع سنوات (برنامج خادم الحرمين الشريفين للتدريب والابتعاث) حين انطلقت وتفتحت الأبواب أمام جيل كامل من الشباب والشابات من أبناء هذا الوطن لطلب العلم في أرقى الجامعات العالمية، ليعودوا إن شاء الله بما يخدم بلادهم ومجتمعهم..

إن تطلعاته وطموحاته أيده الله واستشرافه للمستقبل يجعل الأجيال السعودية القادمة تدرك حجم مسؤولياتها ودورها البناء في مواصلة الركض لوطن يسابق الزمن في كل ما يستجد من علوم ومعرفة وتقنية متطورة.

إن حاجة الشعوب الإسلامية إلى العلم الشرعي تمتد بالضرورة إلى حاجتها لعلوم وتقنية حديثة، وأن تكون هذه الأبحاث العلمية محل عناية المسلم واهتمامه في عصرنا الحاضر لأنها لم تعد حاجة بل أصبحت ضرورة قصوى في وقت تخلف فيه المسلمون عن غيرهم من الأمم، وأن نسعى إلى كل علم نافع تحتاج له الأمة الإسلامية وهذا ما سعى إليه وفقه الله إمام المسلمين عبدالله بن عبدالعزيز.

إن الدراسة في جامعة الملك عبدالله مقصورة كما هو معروف على الدراسات العليا والأبحاث فقط، وهي جامعة عالمية التوجه، تقوم باستقبال الباحثين والدارسين من كافة دول العالم مما يستلزم الاختلاط شأنها شأن كل المجتمعات العلمية في دول العالم، كما هو الحال في كل المستشفيات السعودية الحكومية، الأهلية لماذا كل هذا الجدل ويضيق البعض حينما تصبح المسألة في هذه المؤسسة العلمية والأكاديمية الكبرى. إن هؤلاء الباحثين وما يتمتعون به من نضج فكري وعمري جاءوا بدراسات عليا وأبحاث علمية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد