في هذه الأيام وبسبب وباء H1N1 تضافرت الجهود وشحذت الهمم لمواجهة هذا الوباء العالمي الذي ترتب عليه اهتمام دولي وحراك صحي وإصلاح بيئي وحذر اجتماعي، مما يدفع إلى سد فجوات الخلل والتغيير للأحسن، لقد قامت حكومة بلادنا العزيزة باعتماد الأموال الطائلة وتسخير الجهود العظيمة لذلك. حمى الله بلادنا من كل مكروه.
بدأت وزارة الصحة بالتعاون المباشر مع وزارة التعليم وإصلاح جوانب القصور في الصحة المدرسية وتم عقد الاجتماعات لتوعية المواطنين والموظفين.
وكلنا أمل أن يستمر هذا التعاون ويقوى إلى أن يصل إلى مواكبة الدول المتطورة والتي لا تساوي ميزانيتها ميزانية تعليمنا وصحتنا والكل يعلم أن مواكبة التطور لا تكون إلا برقي التعليم والصحة إلى أعلى المراتب. وهذا ما سعى إليه خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بمشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم.
لقد فاض النبع منهمراً وسالت أنهار العطاء بكل سخاء ولكن قد يصل إلى بعض مواقعه عن طريق الموردين والناقلين لهذا الماء إلى قطرات قليلة تصل إلى الجفاف في بعض الأحيان.
المديرات في مدارسنا يعانين من أمور عديدة من متابعة أولئك المتعهدين للصيانة وشركات النظافة والتجهيزات واستكمال الأدوات المدرسية والأجهزة والمباني وتأخر إيصال ما اعتمد لها وفي هذه الفترة وعند وصول بعض المطهرات والمنظفات للمدرسة نظرت إلى هذه الزاوية المشرقة وقلت: (رب ضارة نافعة).
أغلقت عيني وتذكرت ما كنت أتمناه لعله يكون، بعد ذلك تمنيت مدرسة نموذجية من حيث المباني والمرافق والتهوية والتكييف والتدفئة المركزية، مدرسة تكتمل بها كل سبل الصحة والسلامة من مخارج وساحات وخراطيم إطفاء للحريق، غير هذه الجافة التي لا تعمل لدينا، تذكرت حلمي بوجود دكتورة مقيمة في المدرسة لتشخيص حالة ما يفوق تسعمائة طالبة تشخيصاً صحياً ونفسياً مما يسهل التعامل مع الطالبات والموظفات وإعطاء الإجازة لمن تستحقها بسبب مرضها، تذكرت ما كنت أتمناه من شركات النظافة التي تعمل بدون إلحاح المديرة بالاتصال أو برسائل الجوال أو بخطابات البريد والفاكسات المستمرة، أو تلك المؤسسة التي تعمل بمتابعة مشرفين أمناء من أبناء الوطن يصلحون الخلل بأنفسهم بدون تدخل المديرة بالاتصال عليهم أو الرد فترة غفوتها بعد إرهاق يوم دراسي كامل. أحلم بأن تكون تلك الشركة مطابقة بعقود لها مصداقية فيها محاسبة المقصّر وتغريم المتأخر، وأن تكون العمالة مضمونة لمؤسساتها بدلاً من جلب عمال الأرصفة المكتظين لتغطية نقص العمالة في تلك المؤسسة من شوارع بلادنا ممن لا أمانة لهم ولا وطنية ولا إتقان. أحلم بمدرسة أدخلها في اليوم الأول بعد العودة من كل إجازة نظيفة مجهزة ومتعاهدة من الصيانة طوال العام حتى لا تتراكم تلك الأتربة في مرافق المدرسة وعلى أجهزتها ومعداتها ومكيفاتها وما إن تلبث حتى تحترق وتصدأ. أحلم بمؤسسات تطهير مستقلة عن شركات النظافة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالصحة المدرسية لتوجيهها التوجيه الطبي الصحيح من تعقيم الخزانات ورش الفصول ووضع المطهرات في مرافق المدرسة وأن تتولى التقارير الدورية التي تثبت صحية المدرسة أو عدمها.
وأن تتعهد بجلب مياه نقية لبرادات لا علاقة لها بمواسير المدرسة التي أكلها الصدأ قبل أن تصل إلى الطلبة.
كلي أمل أن يتحقق حلمي بأن تكون الفصول مصادر تعلم للطالبة وبحسب التخصصات لكي تنتقل الطالبة بين تلك المصادر كالنحلة تقتطف جهود الوزارة والإدارة والمعلمين لتنتج شهداً مصفى.
أحلم ببدلات لمديرة المدرسة التي قد يكون راتبها أقل من إحدى موظفاتها وذلك حسب الخدمة وليس بحسب مسؤولية عظيمة تتولاها مادة ومعنى حتى أصبحت رأساً تتقاذفه الحجارة من كل مكان.
أتمنى مناقصة مكاتب وكراسي دوارة للموظفات ترسو على مؤسسات تراقب الله بالجودة وبعقود ملزمة بمواصفات دقيقة متقنة بدلاً من تلك المتهالكة التي ملأت مواقع رجيع مدرستنا حتى أصبحت أموالاً مهدرة. أتخيل رجال أمن مدربين عند بوابة المدرسة لحركة الوصول والخروج وتسيير عطلة المركبات المتجمهرة أمام المدرسة وعدم الاكتفاء بالحراسة غير المدربة التي لا علم لها ولا تعامل ولا حرص إلا ممن رحم الله.
أحلم بعاملات كالمدارس الأهلية مدربات على النظافة وعدم الاكتفاء بزوجة الحارس المراسلة بين الإدارة والحارس لتسليم المعاملات الخارجية أو تلك الخالة التي تعاني من ضعف الصحة وكبر السن أقعدها عن إنتاج العمل.
أحلم بوسائل نقل لكل طالبة بحيث لا يقتصر النقل على عدد محدود في مركبة واحدة لمدرسة تفوق تسعمائة طالبة للحد من تأخرهن صباحاً ومساء.
أحلم بوسائل نقل كتلك القطارات الكهربائية التي تصل كل قرية وتدخل كل حي وإلى كل مدرسة أو دائرة لنقل سريع مقنن وبوقت محدد لا عطل فيه ولا تأخير للاستغناء عن ذلك الكم الهائل من السائقين وعن تلك المركبات التي غصت بها شوارع بلادنا.
فإذا بالموظفات خاصة يصلن إلى مقر عملهن بدون عناء أو حوادث أو خوف أو خلافات أسرية مما يؤخرها عن حصتها الأولى التي تصطحب فيها عناءها ومشكلاتها داخل أروقة تلك المدرسة.
كل ذلك ليتم تركيز المديرة على تنفيذ خطتها التشغيلية المقتبسة من إستراتيجية التعليم ولمتابعة دفة العلم والمعرفة داخل المدرسة ولرفع كفاءة المعلمات وإصلاح الضعف الدراسي لدى الطالبات في مختلف المواد.
أحلم وأحلم وأتمنى وبإذن الله تعالى سيتحقق الحلم وليس ذلك على الله بعزيز في بلاد الخير والعطاء إذا تم الإخلاص من المتعهدين والمسؤولين الذين يتقون الله بإيصال هذا العطاء على أكمل وجه ومع وجود تلك الأيدي السخية والاعتمادات اللا متناهية لترتوي بها أراضينا الخصبة بالإيمان وحب الوطن لدى مواطني هذه البلاد وبذلك تنتج الأرض ونقتطف سوياً ثمار ذلك في بلادنا صحةً وعلماً وعملاً ورقياً بإذن الله تعالى.
- مديرة مدرسة