Al Jazirah NewsPaper Friday  06/11/2009 G Issue 13553
الجمعة 18 ذو القعدة 1430   العدد  13553
غياب (الوعي الاجتماعي) في مكافحة الإنفلونزا!
محمد بن عيسى الكنعان

 

لفت نظري في سياق الأخبار العالمية للأسبوع الفائت قيام أوكرانيا باتخاذ تدابير احترازية مشددة في إطار خطة وطنية لمكافحة إنفلونزا الخنازير، قضت بإغلاق المدارس ابتداءً من يوم الجمعة (30 أكتوبر) ولمدة ثلاثة أسابيع، للحدّ من انتشار فيروس الإنفلونزا الوبائية.

كما سيتم في وقت ٍ لاحق اتخاذ قرار إلغاء أي تجمع عام كالتظاهرات السياسية، والحفلات الموسيقية، والعروض السينمائية، والمباريات الرياضية وغيرها لمدة ثلاثة أسابيع، كذلك هناك توجه إلى اعتماد أنظمة للحدّ من التنقلات غير الضرورية للمواطنين، إضافةً إلى تحذير الصيدليات بسحب تراخيصها في حال ثبت أنها لا تملك أدوية وقاية أو عقاقير علاج، وغير ذلك من التدابير الاحترازية على خلفية ارتفاع عدد الوفيات إلى 11 حالة.

بالنسبة لنا لا أعتقد أننا في حاجة إلى مثل هذه الإجراءات المشددة كإغلاق المدارس أو إلغاء التجمعات أو تقنين التنقلات على الرغم من أنه لا يوجد لدينا (نقل عام) بالمفهوم العالمي، خصوصاً أن مثل هذه الاحترازات المشددة قد تثير الرعب والهلع بين الناس، لكننا في المقابل في حاجة ماسة وعاجلة إلى (الوعي الاجتماعي) بخطورة هذه الإنفلونزا، التي تعد (عادية) في إطار الوقاية الجادة والواعية ومتابعة العلاج، غير أنها تتحول إلى مرحلة وبائية إذا كان هذا الوعي بأبعاد تأثيراته معدوماً بين الناس، وهذا هو مكمن المشكلة التي تُثقل كاهل عمل الوزارات المعنية بها، فنحن منذ دخول الفيروس المملكة ومن ثم انتشاره ومستوى (الوعي الاجتماعي) لم يرتفع بالقدر المطمئن، إلا اللهم في حمى التسابق نحو الصيدليات لشراء الكمامات والمطهرات، بينما التعامل الواعي مع الواقع الحقيقي لبيئات انتشار المرض لم يتغير!! بمعنى أن الناس اهتموا بقدر جيد من النظافة الشخصية بسبب الحملة الإعلامية المكثفة، فضلاً عن حملات التوعية في المدارس، لكنهم لم يُغيّروا عاداتهم وتقاليدهم وطريقة مخالطتهم لبعضهم بعضاً في الأماكن العامة والمناسبات الاجتماعية ك(الأسواق وحفلات الزواج والأعياد والمساجد وما يقع في حكمها أو تحت تصنيفها، فللأسف تجد بعضهم ما زال مُصراً على التقبيل والمعانقة ولا يكتفي بالمصافحة كما في عيد الفطر المبارك، والحال ينسحب على حفلات الأعراس والولائم العائلية، ناهيك عمن يحضر إلى المسجد وأصوات عطسه وكحته تسبقه، على الرغم من أنه في حكم المريض المرخص له.

أما المدارس فهي أكثر البيئات تعرضاً لانتشار العدوى، بحكم أنك تتعامل مع فئات عمرية لا تُقدّر العواقب حقيقةً، كما أن الطلبة والطالبات مجتمع بطبيعته متداخل، لذا تقع المسؤولية الكبرى في الوقاية الواعية على الأهالي، الذين لابد أن يستشعروا حجم المشكلة، بحيث يتابعون الحالة الصحية لأولادهم وبناتهم بشكل يومي، خصوصاً قبل مغادرة المنزل في الصباح الباكر وبعد العودة.

لقد نجحت التوعية بأهمية النظافة الشخصية المستمرة في الوقاية من انتقال العدوى والحدّ من انتشار الفيروس، غير أن الأهم أن يصاحبها توعية أخرى في مدى أهمية تغيير العادات السلوكية في المناسبات الاجتماعية والأماكن العامة، وأن يكون همّ كل فرد ٍمنا أن يقي الآخرين من المرض - بإذن الله - بأن يراقب نفسه ومن يعول، بحيث ينقطع عن الناس ولا يخالطهم متى ما شعر بوجود أعراض عليه أو على أحد أفراد أسرته.



Kanaan999@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد