Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/11/2009 G Issue 13573
الخميس 09 ذو الحجة 1430   العدد  13573
أهمية الترابط بين مدلولي الخدمة المدنية
عبد الله بن راشد السنيدي

 

للخدمة المدنية في أية دولة مفهومان أو مدلولان: أحدهما مفهوم واسع، والثاني مفهوم محدود أو ضيق؛ فالخدمة المدنية بمفهومها الواسع تعني الخدمات اليومية التي تقدم للمواطن من تعليم وصحة وأمن وعدل ونقل واتصالات وإعلام ونحو ذلك.

وإذا رأينا واقع الخدمة المدنية في المملكة، حسب هذا المفهوم، فإننا -الحمد لله- نراه واقعاً متقدما؛ فبلادنا مع أنها تعد من الدول النامية إلا أنها -والحمد لله- تملك الكثير من مقومات الحياة العصرية التي تماثل بل قد تفوق ما هو موجود في بعض الدول المتقدمة، فالتعليم في بلادنا يتقدم بشكل سريع؛ فقد فاق طلاب وطالبات التعليم العام خمسة ملايين وعدد المدارس المخصصة للبنين والبنات بلغت الآلاف ومناهج التعليم تخضع وبشكل مستمر للتحديث والتطوير، وإن كانت الحاجة لذلك لا تزال موجودة حتى يصل التعليم في بلادنا إلى ما وصل إليه كثير من الدول المتقدمة فالاهتمام بالتقنية والمهارات ومسايرة المناهج لمتطلبات العصر هو الأمر المطلوب في هذا المجال، وهو أمر لا يتعارض مع ديننا الحنيف باعتبار أن الإسلام دين كل زمان ومكان حتى قيام الساعة وعدد الجامعات بعد أن كان ثماني جامعات في سنة 1423هـ بلغ عددها الآن (25) جامعة منها الجامعة المتميزة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية أما في القطاع الصحي، فإن التقدم والتطور فيه أمر ملحوظ للعيان، وذلك أنه وحتى وقت قريب كنا نقصد المستشفيات الخارجية لمعالجة الحالات المستعصية أما الآن فقد أصبحنا مقصداً لعلاج هذه الحالات من الدول الأخرى كما بلغ عدد المستشفيات الكبرى المؤهلة للتنويم والعمليات الجراحية ما يزيد عن (215) مستشفى وبلغ عدد المراكز الصحية التي تقدم العلاج للحالات الخفيفة نحو (1850) مركزاً كما يوجد العديد من المستشفيات التخصصية ذات المستوى العالي كمستشفى الملك فيصل التخصصي ومستشفى الملك خالد للعيون ومدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني والمستشفى العسكري بوزارة الدفاع والطيران ومستشفى قوى الأمن الداخلي ومدينة الملك فهد الطبية.

أما بالنسبة لحفظ الأمن العام داخل المملكة فيعتبر من أولويات بلادنا فقد أوجدت العديد من الأجهزة المختلفة لتحقيق هذا الهدف فيوجد مديرية الأمن العام التي تشرف على قطاعي الشرطة والمرور حيث يقوم رجال الأمن المخلصون بجهود كبيرة في هذا المجال ومجال محاربة الإرهاب ومديرية الجوازات التي تختص بالتحقق من سلامة الدخول للمملكة والخروج منها ومديرية حرس الحدود المسؤولة عن أمن حدود بلادنا الغالية ومديرية مكافحة المخدرات المعنية بحماية شبابنا من هذه المادة الفتاكة عن طريق ملاحقة عمليات التهريب والترويج، أما بالنسبة لقطاع العدل المعني بالفصل في القضايا التي تنشأ بين المواطنين وفقاً للشريعة الإسلامية فإن عدد المحاكم قد بلغ (266) محكمة وعدد كتابات العدل (129) كتابة عدل وقد خضع قطاع القضاء مؤخراً للتطوير والتحديث بعد صدور أنظمة القضاء الجديدة لكل من القضاء العام والقضاء الإداري ليواكب التطور العالمي في هذا المجال وبما لا يتعارض مع شريعتنا الغراء، أما بالنسبة لقطاع النقل فإن بلادنا تملك حالياً شبكة نقل متطورة مع استمرار العمل في هذا المجال؛ فقد كانت أطوال الطرق عند تأسيس وزارة النقل سنة 1372هـ (279) كم. أما الآن فتبلغ (172615) كم، أما بالنسبة لخدمات الاتصالات فقد أقدمت بلادنا على خطوة موفقة عندما خصخصت هذا القطاع وفتحت المجال لدخول هذه الخدمة أمام شركات أخرى وهو الأمر الذي انعكس إيجابيا على الخدمات المقدمة للمواطن، فقد بلغت خطوط الهاتف الثابت (4.50) مليون خط وخطوط الهاتف الجوال (12.50) مليون خط.

أما عن الخدمة المدنية بالمفهوم المحدود أو الضيق فتعني القوى العاملة في الأجهزة الحكومية أو ما يعرف بالموارد البشرية من موظفين ومستخدمين وعمال والأنظمة واللوائح الوظيفية والتعليمات التي صدرت في شأنهم، وقد اهتمت بلادنا بهذا القطاع، وذلك للدور الهام الذي يقوم به العنصر البشري في إدارة حركة التنمية والخدمة اليومية المقدمة للمواطن فعدد موظفي الدولة يقارب حاليا المليون وعدد الأنظمة واللوائح الوظيفية والتي صدرت لتنظيم حقوقهم وواجباتهم يتجاوز (30) ما بين نظام ولائحة كما تم إنشاء مجلس متخصص يرعى الخدمة المدنية هو مجلس الخدمة المدنية الذي يختص باقتراح الأنظمة التي من شأنها تطوير أداء هذا القطاع، كما توجد وزارة الخدمة المدنية التي تتابع مع الأجهزة الحكومية من أجل التنفيذ السليم للأنظمة واللوائح الوظيفية فضلاً عن دورها في إمداد الأجهزة الحكومية بالمتخصصين من الخريجين والخريجات وإبداء الرأي النظام في المسائل الوظيفية ومراجعة ترقيات الموظفين وإعداد بيانات خدمة الموظفين المتقاعدين وتصنيف الوظائف ونحو ذلك.

كما صدر العديد من التعليمات والأوامر السامية التي تحث الموظفين على بذل الجهد والإخلاص والانتظام وأن تعمل الجهات الحكومية على قصر المزايا الوظيفية من ترقيات وبدلات ومكافآت على المجدين من الموظفين.

إذاً، فإنها رعاية كبيرة قدمت لقطاع الخدمة المدنية بالمفهوم المحدود لهذه الخدمة بموظفيه وأجهزته وأنظمته ولوائحه اعتقادا منها بأن العناية بالخدمة المدنية حسب المفهوم الأخير للخدمة المدنية وهو القوى العاملة أو الموارد البشرية والأنظمة واللوائح والأجهزة والآليات الوظائف التي وجدت لتسهيل وتيسير العمل الحكومي سوف ينعكس إيجابا على أداء الخدمة المدنية بمفهومها الواسع والمتمثل في الأنشطة الخدمية التي تقدم من الأجهزة الحكومية للمواطنين مما يعني وجود ترابط قوي بين الخدمة المدنية بمفهومها الواسع والخدمة المدنية بمفهومها الضيق باعتبار أن الخدمات والواجبات التي تضطلع المرافق العامة بتقديمها للمواطنين يحتاج إلى موظفين أكفاء وإدارة ناجحة، وهو الأمر الذي يتطلب ما يلي:

* المزيد من تعاون الأجهزة والمؤسسات الحكومية مع وزارة الخدمة المدنية فيما يتعلق بإمداد الوزارة بالوظائف الشاغرة غير المخصصة لترقية الموظفين من أجل إشغالها بذوي الكفاءة من الخريجين والخريجات.

* ضرورة اهتمام الأجهزة والمؤسسات الحكومية بالموظفين الجدد ومتابعة أدائهم وتصرفاتهم خلال فترة التجربة، وذلك للتأكد من صلاحيتهم للاستمرار في الخدمة المدنية.

* تطبيق أنظمة الخدمة المدنية بالعدالة والمساواة بين الموظفين فيما يتعلق بالترقيات والتدريب والانتداب ونحو ذلك؛ لأن عدم تطبيق ذلك سوف يؤدي إلى الإحباط بين الموظفين، وبالتالي ينعكس ذلك سلبا على أدائهم وهذا بالطبع لا يعني التسوية بين الموظف الكفؤ والموظف المهمل، بل إن المقصود هو تطبيق المساواة بين ذوي الكفاءة والجدارة. أما المقصرون أو المهملون فإن على جهات أعمالهم العمل على تطوير أدائهم وإصلاح نقاط الضعف لديهم حتى يصلوا إلى مستوى الموظفين الأكفاء، وبالتالي شمولهم بالمزايا الوظيفية.

Asunaidi@mcs.gov.sa



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد