Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/11/2009 G Issue 13573
الخميس 09 ذو الحجة 1430   العدد  13573
المنشود
الأضحية والديون!
رقية سليمان الهويريني

 

أتابع البرامج الشرعية واللقاءات الحوارية مع العلماء في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وأستمع بإنصات لأسئلة المتصلين وردود المشايخ الكرام عليها، وأجد غالب الأسئلة عن أحكام الأضحية وما يتعلق بها نظراً لمناسبتها واقتراب عيد الأضحى المبارك.

ما أحزنني وآلمني هو السؤال المتكرر: هل يجوز يا شيخ أن يشترك أكثر من واحد في أضحية واحدة؟ وهل يجوز الاستدانة لأجل توفير ثمن الأضحية؟ وبعض المشايخ يجيز اشتراك أكثر من شخص بأضحية واحدة مراعاة لظروف الناس المادية، وبعضهم يشدد ويضيِّق عليهم ويدعوهم لإقامة السنَّة بصرف النظر عن المقدرة المادية!

وكنت آمل من المشايخ التأكيد على أن الأضحية بالأصل سنَّة مؤكَّدة وليست واجبة مثل كثير من السنن كالعقيقة وصلاة الوتر، وعلى ذلك ففي الأمر سعة. أما أن يلجأ الناس للسلف والديون من أجل توفير ثمن الأضحية ففي ذلك جهل شديد، وبُعد عن فهم المعاني الرحيمة للإسلام. وهو ما يحسن بعلمائنا الشرعيين توضيحه للناس والتخفيف عليهم والرفق بهم، والتأكيد على أنها عن الأحياء وليست عن الأموات.

والمؤسف حين تتحول الأضحية من نسك إلى عُرف وعادة أكثر منها عبادة، مثلما يصورها بعض الآباء بأنها تشكل فرحة وأنساً للأطفال، لذا يحضرها للعب بها في المنزل، ومداعبتها وتركها تتجول في أرجاء البيت حتى تكون حديث الأسرة قبل وبعد ذبحها، وهو أمر بالفعل يدعو للعجب، لا سيما إذا كان رب الأسرة محدود الدخل أو استدان ثمنها!

وقد سُئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن وجوب الأضحية فقال: (الصحيح أنها لا تجب إنما هي سنَّة لفعله صلى الله عليه وسلم. فالسنَّة أن يضحي الإنسان عن نفسه وعن أهل بيته حسب التيسير، لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها، فإن كان موسراً ضحى بشاة واحدة عنه وعن أهل بيته، وإن كان معسراً فلا شيء عليه، ومن شقّ عليه ذلك فلا حرج، ولا بأس أن يدعها، ولا ينبغي له المغالاة والتشديد بل ينبغي له الرفق في كل الأمور) انتهى.

وحين يأتي الحديث عن الدَّيْن فإنه يجدر، بل يجب على الشخص المدين أن يؤدي ديونه أولاً، قبل شراء الأضحية، فأداء الدَّيْن واجب، بينما الأضحية سنَّة مؤكدة، وسداد الدين الواجب مقدَّم على السنَّة؛ فالأضحية تسن للقادر، والمدين غير قادر.كما أن الدَّيْن حق للعباد، والأضحية سنَّة لله موسَعة، فتقديم حق العباد أولى في هذه الحالة. فضلاً أن بقاء الدَّيْن في الذمة مخاطرة، ويستوجب أداؤه حتى بعد وفاته لأنه يُخشى على المَدِين أن يؤدّى دينَه من حسناته يوم القيامة، والمسلم أحوج إليها حينذاك. فأداء الدَّيْن أوجب من ذبح الأضحية. ولما سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشهادة في سبيل الله وأنها تكفّر كل شيء قال: (إلا الدَّيْن). فالشهادة لا تكفّر الدَّيْن، ولا تسقطه، فهو خطير برغم تساهل الناس به. فكيف حين يكون لأجل إقامة السنَّة أو حتى أداء واجب؟

وطالما يسَّر الله عزَّ وجلَّ على عباده ألا يقوم بالعبادات المالية إلا المقتدرون، فعلى المسلم غير القادر ألا يُكلِّف نفسه ويدخلها في دهاليز التقليد والمحاكاة والمباهاة!

وكل عام وأنتم قادرون على أداء العبادات صحياً ومادياً.

rogaia143@hotmail.Com
www.rogaia.net





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد