Al Jazirah NewsPaper Monday  14/12/2009 G Issue 13591
الأثنين 27 ذو الحجة 1430   العدد  13591
مدير مركز زراعة الأعضاء بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام.. د. الصغير ل (الجزيرة) :
تحتاج المملكة إلى 400 متبرع بالأعضاء سنوياً

 

الدمام - حوار - ظافر الدوسري

قضية بين الموت والحياة، ثقافتها لا زالت في طور التعليم، هي قديمة عند القلة ومعدومة عند كثيرين، ضاع وقتها في تجاذب بين فتوىً وعاطفة، ولوم الجهلة لمن يجازف بعضو فقيده في نظرهم، إنها شهامة في سبيل صدقة جارية لا ينقطع أجرها، وحياة مستدامة لسلالة أحدثها عضو، ورحمة مرتجاة لنفس نبيلة قدمت أحشاءها صدقة وتضحية، حول موضوع زراعة الأعضاء عموما وزراعة الكلى خصوصاً التقينا الدكتور محمد الصغير رئيس برنامج زراعة الأعضاء بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام وأجرينا معه الحوار التالي:

نسب الفشل الكلوي بالمملكة

كم يبلغ عدد الذين لديهم فشل كلوي بالمملكة عموما والشرقية خصوصا؟

- حسب التقديرات الأخيرة فقد بلغ عدد المرضى بالفشل الكلوي بالسعودية حوالي 9500 مريض، 400 منهم فشل كلوي بالمنطقة الشرقية لوحدها فقط، وفي عام 2015 سيصل العدد إلى 14000 مريض، وتبعاً للتوقعات فسيكون هناك زيادة أرقام لوحدات غسيل الكلى.

ما هي أسباب وقوع الفشل الكلوي وكيف يمكن تفاديه وهل من أسباب جديدة تم اكتشافها؟

بشكل عام يمكن القول بأن الله سبحانه وتعالى رزق الإنسان بكليتين وهاتان الكليتان تعدان وحدات كلوية مهتمة بتنقية الدم في الجسم، فإذا ما تعرضت إحدى هذه الكلى للاصابة فانها تصبح عاجزة عن العمل والقيام بتصفية الدم وتكون الإصابة دائما إما بسبب ارتفاع السكر والضغط باستمرار بالاضافة إلى اسباب أخرى مثل الجفاف وتعاطي بعض الأدوية والمسكنات، ومن جانب آخر فهناك أسباب غير معروفة بعضها وراثي، ولذلك نحن بحاجة إلى دراسة وطنية كاملة للتعرف على اسباب الفشل الكلوي وزيادة انتشاره في المملكة خصوصا وطرق الوقاية منه لأن الاصابات في زيادة وقائمة انتظار المرضى للأعضاء كبيرة جدا. وأضاف قائلاً: أحب أن أوضح أيضا أن كثير من المصابين لا يعرفون أن لديهم فشل كلوي أو أنه معرض للاصابة بهذا المرض، ولا يكتشف ذلك إلا بعد أن يصاب بهذا المرض ومن ثم يدخل في دوامة الغسيل والبحث عن كلية بديلة. وبيّن أن مراكز دراسات الصحة العامة تلعب دورا رئيسيا في صحة المجتمع وتقدم خدمة العلاج للمرضى بفكرة الطب العلاجي، لأن البحث العلمي يحمي حياة آلاف الناس من تلكم الامراض وهو توازن إعلامي ما بين البحث العلمي والمجتمع، لذا يجب التركيز عليها وعلى الابحاث العلمية.

شح الأعضاء بالمملكة

ما هي أبرز المعوقات التي يواجهها فريق زراعة الأعضاء؟

- أكبر وأبرز معوق هو عدم توفر الأعضاء وشحها بالسعودية، وهذا الأمر ليس دورنا كاطباء في جلب الأعضاء للمحتاجين وليس دور المستشفى ولا دور وزارة الصحة بل هو دور المجتمع باكمله من الخطباء والوعاظ والمدرسين والاجتماعيين والإعلام لهؤلاء بحاجة لأن يرسخوا هذه القيم الإنسانية، فالمركز السعودي لزراعة الأعضاء قام بدور كبير ولكنه بحاجة إلى تفاعل أكبر من المجتمع حتى نحقق الهدف ونمنح حياة للآخرين.

كم يبلغ معدل عمليات زراعة الأعضاء وهل تتوقع الزيادة أم الانخفاض؟

- خلال السنة الماضية 2008م هناك حوالي 160 كلية فقط تمت زراعتها وكلها بين الاحياء من الاقارب. وفي السنة الواحدة تتم عمليات زراعة بعدد 300 زراعة في السعودية، وهناك زراعة تجرى بالخارج تقريبا بنفس العدد، فمجموع الزراعة خلال السنة الواحدة 600 إلى 700 زراعة حسب الظروف.

هل صحيح أن هناك حالات وفاة دماغياً لا يستفاد منها؟ ولماذا؟

- صحيح فلدينا عدد كبير من الوفاة دماغيا لا يتم الاستفادة منها لاسباب يعود أغلبها إلى ما يلي:

أولاً: أن المجتمع لا يعترف بأن الوفاة دماغياً على أنها وفاة للدماغ فقط بل يعترفون على أنه حي وعلى قيد الحياة ولا يعترفون بالوفاة إلا بالوفاة السريرية التي يتوقف فيها الدم عن الجسم، فالناس يرفضون بشفاء مريض عن طريق زراعة الأعضاء على الرغم من أن المجامع الفقهية اقرّوا بالوفاة دماغيا بالنصوص الشرعية التي تدل على هذا المعنى.

ثانياً: حتى وإن أقرّ الأهل بالوفاة دماغيا فإن كثير منهم لا يتبرعون لعدم معرفتهم برغبة المتوفي ناهيك عن مشكلة الكثير في ملكية الأعضاء فيتوقفون عن التبرع بالأعضاء. وحسب تقديرات المركز السعودي لزراعة الأعضاء فقد وصل عدد حالات الوفاة دماغيا لعام 2008م 533 حالات في حين أن حوالي 105 حالة أجريت لها عمليات استئصال أعضاء فقط بسبب ظروف مختلفة ومنها ما ذكرته سابقاً.

وعي المجتمع وقت الصدمة

هل هناك إحصائية لعدد الوفيات من جراء حوادث السيارات ومدى الاستفادة منها في هذا الشأن؟

- لا أعلم بدراسة نسبة الحوادث بالمملكة ولكن يمكن القول إن هناك جزءا من الوفيات تحدث مباشرة بموقع الحادث وجزءا من الوفيات تتم بطوارئ المستشفيات وجزءا من الوفيات تتم بالعناية المركزة، و50% من الوفيات تحصل بسب اصابات الدماغ.

وما يمكن القول والتنبيه إليه في هذا الشأن إن تقديراتنا تشير إلى حاجة المملكة إلى 400 متبرع سنويا، ولذا نحتاج إلى التعاون في أمر الحوادث المرورية ولكن يبقى الدور الأكبر هو وعي المجتمع وقت الصدمة خصوصا في مثل الحوادث المرورية.

وماذا عن عدد المتبرعين سواء من السعوديين أو المقيمين؟

- الغالبية من المتبرعين هم من المقيمين بالمملكة، بل يأتينا متبرعون من خارج المملكة من دولة قطر والكويت في حين أن نسبة السعوديين المتبرعين ضئيلة للغاية.

ففي عام 2008م أظهرت نتائج الاحصائية بالمركز السعودي لزراعة الأعضاء أن هناك 80 متبرعا سنويا على مستوى المملكة كلها في حين أن تقديراتنا أن المملكة بحاجة إلى 400 متبرع سنويا على الأقل.

مبادرات التعاون لم تنضج

هل هذا يعني أن هناك تعاونا مع دول الجوار في مجال زراعة الأعضاء؟

- حقيقة دول الجوار ليس عندهم خطط لزراعة الكبد مثلاً، ناهيك عن أن مبادرات التعاون مع دول الجوار لم تنضج بالشكل الصحيح، ولا ننكر أن بعض دول الجوار ساعدتنا بالتبرع خصوصا مثل دولة الكويت، حيث قام فريق طبي عدة مرات بزيارات لاستئصال الأعضاء من مرضى متوفين دماغيا.

تجارة الأعضاء علناً

هل صحيح انه يتم دفع أموال لشراء بعض الأعضاء من دول أخرى؟

- هنالك دول أخرى تمارس فيها تجارة الأعضاء بشكل علني وقانوني، ومنظمة الصحة العالمية أصدرت باسماء الدول بما فيها السعودية التي تقوم بزراعة الأعضاء وتكافح التجارة بالأعضاء.

وعلى المستوى المهني لا ننصح المرضى بأن يقوموا بزراعة الأعضاء في الخارج إلا في الدول المعترف بها رسميا مثل أمريكا وبعض الدول الاوروبية.وبالنسبة لفشل بعض الزراعات خارج المملكة ففي دولة مصر العربية قاموا بزراعة أعضاء وفشلت لأنه أحيانا ربما تكون الزراعة غير مشروعة والإمكانيات متواضعة بالاضافة إلى أن الخبرات غير جيدة والرعاية الصحية أسوأ.

حاجتنا إلى 400 متبرع

ماذا عن نسبة السعوديين الذين يسافرون للخارج لعمل زراعة أعضاء؟ وهل صحيح أن نسبة التبرع بالأعضاء تعد ضئيلة مقارنة بالدول الأخرى؟

- حقيقة لا تحضرني النسبة ولا أتصور أن هناك رقما حقيقيا بنسبة عدد السعوديين الذين يسافرون للخارج لعمل زراعة أعضاء، لأن أغلبهم يسافر على حسابه الخاص دون علم من المركز السعودي لزراعة الأعضاء.

وتعد دولة إسبانيا أفضل دول العالم ونموذجا في عملية التبرع وزراعة الأعضاء حيث يوجد 36 متبرعا لكل مليون نسمة سنويا، وفي أمريكا كمتوسط يوجد 26 متبرعا لكل مليون نسمة سنويا وباقي الدول تختلف نسبتها.

في حين يوجد بالمملكة 80 متبرعا لكل مليون نسمة في ظل عدد السكان قرابة 26 مليون نسمة، وهذه نسبة تحسب على جميع الجنسيات بالمملكة، وأغلب المتبرعين من المقيمين، وهذه نسبة ضئيلة للغاية في ظل الحاجة إلى 400 متبرع سنويا.

فكرة الهبة والعطاء في وقت المصيبة ليست موجودة ولم تتأصل بعد في مجتمعنا للأسف، لأنها ليست يقينا راسخا فحين التعرف على وجود وفاة دماغيا لا تجد ذوي المصاب متجهزين ومستعدين للتبرع والحديث في هذا الموضوع أبداً.أما بالنسبة للمتبرعين من الأحياء فالنسبة لا بأس بها لذا فإن عمليات زراعة الكلى تتم بين الأقارب فقط والنسبة لا بأس بها والنتائج على المتبرع وأسرته لا يمكن قياسها بأي ثمن، لأن كثير من المتبرعين يشعرون بلذة نعمة الصحة ويديرون حياتهم بشكل إيجابي لشعورهم أن هناك قيمة مضافة لهم في الحياة فيبارك الله سبحانه وتعالى في الصحة على المتبرع والزارع.

زراعات الخارج غير نظامية

هناك مرضى سعوديون قاموا بزراعة أعضاء خارج المملكة، بعضهم لا يجد المتابعة والعناية الصحية اللاحقة المناسبة بعد العودة للمملكة. من المسؤول عن ذلك؟ ولماذا يحصل مثل هذا القصور في متابعة الحالات؟

- أغلب الزراعات التي تتم بالخارج تكون غير نظامية وتتم في مراكز غير معتمدة والرعاية مكلفة، ولذلك كثير من دول العالم لا تسمح بزراعة الأعضاء خارج دولها كرامة للمجتمع بالإضافة إلى الرعاية المكلفة. لكن في الغالب مرضى زراعة الكلى يتم لهم متابعة بوحدة غسيل الكلى مع دكتور متخصص بالكلى بحكم الخبرات المتوفرة بالمملكة، فإذا احتاج المريض لرعاية فيحال إلى مستوى رعاية متقدمة وهذا الإجراء متبع.

أزمة الفشل الكلوي

ما هي الخطط نحو حل لأزمة الفشل الكلوي على مستوى المملكة والشرقية خصوصاً؟

- بالنسبة للمنطقة الشرقية هناك جهود بارزة قام بها المركز السعودي لزراعة الأعضاء بالتعاون مع مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام بالاضافة إلى المديرية بالمنطقة ومنها:

أولاً: إنشاء فريق جوال للتبرع بالأعضاء والابلاغ عن الحالات واجراء فحوصات المتوفين دماغيا مبكرا.

ثانياً: أنشأت المديرية بالشرقية لجنة اسمها العناية المركزة للتبليغ عن الوفاة دماغيا في المستشفيات الحكومية وبعض الخاصة، ومن ثم القيام بإجراء الفحوصات المبكرة ورفع الوعي بالتبرع بالأعضاء.

امنح حياة للآخرين

ما هي الرسالة التي تحبون توجيهها عبر وسائل الإعلام؟

- على وسائل الإعلام أن تحاول بقدر الإمكان ابراز دور المؤسسات الصحية من أجل أن تؤدي رسالتها والتعريف بنشاطاتها وتحفيز المشاركة الاجتماعية في عمل المؤسسات جميعا بحيث يكون هناك تواصل، وكذلك التعريف بالوفاة دماغيا والتبرع بالأعضاء وشرح معاناة المرضى المحتاجين والتعريف بأهمية البرامج في خدمة المجتمع، وكما يقال إن بين ضفة الحياة وضفة الموت ممر عبر الآخر، عبر الإنسان، على الضفة الأولى هناك مرضىً محكوم عليهم بالألم، وعلى الضفة الأخرى هناك الحل. أعضاء بشرية تمنح الحياة مرة ثانية بتوفيق الله وبين الضفتين جسر هو التبرع، فرسالتنا هي دعوة المجتمع والناس جميعا لعبور هذا الجسر حتى نمنح حياة للآخرين بإذن الله وعونه.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد