Al Jazirah NewsPaper Monday  14/12/2009 G Issue 13591
الأثنين 27 ذو الحجة 1430   العدد  13591
أكّدوا على وجوب تفعيل دور المجتمع في حمايتها.. مختصون:
الآثار سجل تاريخي والتعدي عليها يعكس غياب الوعي

 

الجزيرة - عبدالرحمن الدخيل:

شدد مختصون وخبراء في مجال الآثار والتراث، على وجوب تفعيل دور الرقابة على الآثار والمواقع التراثية، وضرورة إشراك المواطن والمجتمع بشكل عام في تفعيل الجوانب الرقابية من خلال توعيته عن أهمية المحافظة على الآثار وإدراك أهميتها التاريخية والوطنية.

واعتبر المختصون أن التعدي على الآثار ضرر كبير ليس أقله ضياع التاريخ والحضارة والموروث الذي خلفه الأجداد، مشيرين إلى أن قيمة الآثار كثروة وطنية تعكس ما تزخر به أرض هذه البلاد من إرث تاريخي وحضاري عظيم وما تتميز به من قيمة تاريخية كموطن قديم لحضارات بشرية متنوعة. مؤكدين على أهمية تضافر الجهود لتكثيف الوعي بالمحافظة على الآثار.

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور أحمد الزيلعي عضو مجلس الشورى وأستاذ التاريخ الإسلامي والآثار الإسلامية في جامعة الملك سعود سابقا، أن أهمية الآثار تكمن في كونها تمثل تراث الأجداد، ومنجزاتهم الخالدة، وتعد دليلاً صادقاً على ماضيهم، وحضارتهم، وتاريخهم، وطرق حياتهم وأسلوب معيشتهم.

وأشار الزيلعي إلى أن الآثار تعتبر الشاهد الوحيد على الصلة بالماضي والبرهان الصادق على أصالة الحاضر، وقال: (من الآثار نستلهم العبرة، والموعظة عن الأمم التي عاشت وبادت، ومنها نستشف الأدلة الصادقة عن اتصال الأمم بعضها ببعض، وأخيراً منها نتشوّف إلى مستقبل عظيم يستند إلى جذور عريقة من التطور والرقي، والازدهار).

وأبان أن الآثار تعد وثائق لا يتطرق إليها الشك، بل تعد من أهم المصادر التاريخية، إن لم تكن أهمها على الإطلاق، وبصورة خاصة في التاريخ القديم والإسلامي بجميع مراحلهما. مشيرا إلى أن العبث بالآثار وإهمالها وما يترتب على ذلك من تشويهها وتدميرها واختفائها ففي ذلك ضرر كبير ليس أقله ضياع التاريخ والحضارة والموروث، الذي خلفه الأجداد، مما يعنى انقطاع الأجيال عن ماضيهم العريق وحضارتهم الزاهية، وجذورهم التاريخية التي تربطهم بأرضهم وببيئتهم وبأساليب الحياة التي عاشها أجدادهم.

وقال عضو مجلس الشورى إنه وبدون الآثار والموروث الحضاري بعامة سينقطع الأجيال عن ماضيهم، وسينظرون فقط إلى حاضرهم المحاط بالعمائر الشاهقة، والطرق السريعة، ووسائل المخترعات والتكنولوجيا الحديثة، وكأنهم جاؤوا من كوكب آخر، ونزلوا على أرض غير أرض أجدادهم وتحت سماء غير سمائهم.

وواصل حديثه قائلاً: (المحافظة على أي شيء تنبع من أهميته ومكانته لدى الفرد والجماعة، وما دمنا سلمنا بكونها تراث الأجداد والدليل الخالد والبرهان الصادق على ماضيهم، وعلى صلتهم بذلك الماضي فلابد من المحافظة عليها، وصيانتها، والاهتمام بالتنقيب عنها، وعرضها للأجيال في متاحف تليق بها، وبأهميتها حتى يراها كل من لديه الاهتمام، والرغبة في معرفة ما كان عليه الأجداد من تحضر ورقي وازدهار).

وأوضح الزيلعي أن المحافظة على الآثار تستوجب التوسع في بناء المتاحف الأثرية، وتأثيثها وتجهيزها بوسائل عرض حديثة. وقال: (المتاحف من أهم أماكن حفظ الآثار، ومن أهم المرافق للمحافظة عليها، فالتوسع في بناء المتاحف يعنى التوسع في الحفر والتنقيب، إذا لابد لهذه المتاحف من آثار تملؤها، ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق الحفر والتنقيب، وزيادة الكشف الأثري، وهذه كلها محصلتها النهائية هي المحافظة على الآثار).

وأبان عضو مجلس الشورى، أن المحافظة على الآثار تتمثل في جوانب عدة منها التوعية بأهمية الآثار وهذه مسؤولية جماعية يستوي فيها الفرد والمجتمع، والدولة، ودراستها وتدريسها، وإحاطة المواقع الأثرية بسياجات منيعة، والتنقيب عن الآثار والتي تعد من أهم وسائل المحافظة على الآثار، حيث يحمى المكان الذي يُنقب فيه من التعديات، وثانياً يتم الكشف عما فيه من آثار.

مراحل التاريخ والحضارة

فيما أكد الدكتور خليل المعيقل أستاذ مشارك في جامعة الملك سعود كلية السياحة والآثار وعضو في مجلس الشورى، أن الآثار تعكس تاريخ وحضارة الوطن، مشيرا إلى أن التعدي على الآثار أي كان نوعها يمثل في الوقت ذاته تعدي على الوطن.

وقال المعيقل، إن الآثار تعتبر جزءا من تاريخ الوطن القديم، وإهمالها سيؤدي بالتالي إلى ضياع الإرث الحضاري الذي سعت الدولة للحفاظ عليه، مؤكدا على وجوب حماية هذه الآثار من الضياع والتشويه. ولفت إلى أن الآثار من المقتنيات التي يسعى الناس للحصول عليها وكنزها وبالتالي بيعها والتجارة فيها بهدف الكسب المادي، دون النظر إلى قيمته كآثار ينبغي المحافظ عليها.

وشدد على ضرورة تفعيل جانب حماية الآثار، في الوقت الذي نشهد فيه قصور ملحوظا في حمايتها، بالإضافة إلى المواقع السياحية التي باتت عرضه للتخريب، وقال: (يجب تفعيل دور الحماية وإشراك المجتمع وتوعيته بالقيمة الحضارية والتاريخية للآثار، والعمل على تطوير هذه المواقع بواسطة الرقابة والحماية من العبث).

فيما، اعتبر الدكتور عبد العزيز بن سعود الغزي رئيس قسم الآثار في جامعة الملك سعود ورئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للآثار، أن الآثار ثروة تاريخية ووطنية يجب أن يعنى بها ويحافظ عليها، وتزداد هذه الأهمية بعدا آخر إذا عرفنا أن هذه الآثار ثروة قابلة للزوال ومصدر تاريخ قابل للنفاذ، فكل أثر يدمر لا مجال لتعويضه وكل موقع ينقب لا مجال لإعادته كما كان.

وأشار الغزي إلى أن المحافظة على الآثار الثابتة والمنقولة والمقروءة أمر في غاية الأهمية، ويجب على الجميع إدراك ذلك وتفعيله. وقال: (وبالنسبة للآثار السلبية التي تنتج عن تدمير الآثار وتشويهها فالأمر مضر ويستهلك مصدر التاريخ الملموس المتمثل بالمواد الأثرية، كما أنه سلوك غير حضاري فيه تعدي على سجل التاريخ القديم، ويعكس عدم وعي مرتكبيه بأهمية الآثار والتراث، ومع تدمير كل أثر وتشويهه نفقد حدثا تاريخيا).

وبين رئيس قسم الآثار في جامعة الملك سعود، أن قيمة الآثار كثروة وطنية تتجلى في كون المواقع الأثرية على اختلاف أنواعها، مصدرا من مصادر السياحة التي يعشق مشاهدتها وقيمتها التاريخية الكثير من زوار المملكة، علاوة على أن الكثير من المواقع قابلة للاستثمار السياحي والترفيهي من قبل القطاع الخاص، وبهذا تتوفر فرصة توظيف أعداد من المواطنين في مختلف الدرجات، كما تتوفر فرص لتأسيس مشاريع تجارية استثمارية صغيرة للشباب والشابات تنمو مع الوقت.

وتابع: (وبخلق فرص العمل هذه نكون فتحنا مجالا للخريجين والشباب بشكل عام ليصبحوا قادرين على بناء أنفسهم ماديا).

من جهته، قال الدكتور خالد تدمري أستاذ في الجامعة اللبنانية ورئيس لجنة الآثار والتراث في لبنان،» لمسنا النجاح الكبير والتطور في مجال التراث العمراني في المملكة، والمساعي التي تقوم فيها الهيئة العامة للسياحة والآثار لإدراج قرية الدرعية على لائحة التراث العالمي في اليونسكو).

ولفت تدمري إلى أن (من لا تراث له لا مستقبل له)، مبينا أن التراث يمثل هوية البلدان وتطورها عبر العصور، وتكمن أهميتها في الحفاظ على الآثار للأجيال اللاحقة، في الوقت الذي نستمد منها كل ما وصل إليه الأجداد في مجالات مختلفة كالعلم والعمارة ونحوهما.

وشدد على أهمية الحفاظ العمراني للآثار القائمة فوق الأرض لما تشكله من مصدرا ضخم للإيرادات الاقتصادية للبلدان، يسهم بشكل فعال في تنمية البلدان. مؤكدا على ضرورة نشر التوعية من خلال حملات توعوية على مستوى المدارس والجامعات والمستوى الشعبي في القرى النائية، وذلك بهدف إيصال رسالة هامة تفيد في طياتها أهمية الحفاظ على الآثار.

يشار إلى أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تبنت عددا من الخطط والمبادرات لتطوير هذا القطاع الآثار والمتاحف بعد ضمه للهيئة مطلع العام الماضي وربطه بالبعد الثقافي والإنساني والحضاري وتطوير الأوعية التي يقدم فيها و الموارد البشرية التي تعمل فيه، وتطوير أداء القطاع في مجالات الحماية والمحافظة، والبحث العلمي، وعرض مواقع التراث الثقافي وإدارتها.

وقد أوضح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في تصريحات صحفية سابقة أن الهيئة تواجه العديد من التحديات للمحافظة على الآثار والتراث العمراني, ولن يتم ذلك إلا بالتعاون الوثيق مع أجهزة المناطق والبلديات والمواطنين لحماية وتطوير معالمنا الأثرية والتراثية, وترسيخ الوعي لدى المواطنين بأهمية المحافظة على هذا الإرث الوطني التاريخي. لافتا سموه إلى أن الهيئة قد أعدت إستراتيجية لتطوير قطاع الآثار والمتاحف وخطة تنفيذية مدتها خمس سنوات تبدأ عام 1429هـ تتضمن جميع مشاريع التطوير الخاصة بالآثار والمتاحف, بالإضافة إلى برامجها ومشاريعها الأخرى المتعلقة بالتراث العمراني.

كما بذلت الهيئة جهودا في التنقيب الأثري وحماية وإبراز المواقع التاريخية والأثرية منها تسجيل موقع مدائن صالح ومواقع تاريخية ضمن قائمة التراث العالمي في اليونسكو وإقامة معارض للآثار كان آخرها المعرض الذي أقيم في مقر اليونسكو في باريس قبل أشهر.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد