Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/02/2010 G Issue 13650
الخميس 27 صفر 1431   العدد  13650
 
نوافذ
المصافحة
أميمة الخميس

 

عندما اختارت المملكة على الصعيد الدولي واجهة حوار الحضارات العالمي ولقب مملكة الإنسانية والسلام المشروط باسترجاع الحقوق، فهي كانت بالتدريج تنقل ساحات النزال والمواجهة إلى الداخل حيث الحقائب المثقلة بهموم التنمية والبطالة وأشكال لامتناهية من الفكر المنغلق والفساد الإداري وجميع الرموز التي تترصد بنهضة المكان، وبالتالي، كانت تقود تيارا عربيا يسعى إلى الانشغال بالهم التنموي وصناعة الفرد وتأسيس أرضية مخصبة بالمشاريع التي ستخدم المنطقة وتنفتح بوابة الأجيال على آفاق التقدم الحضاري بالشكل الذي يقيل عثرات سنوات عجاف قضتها المنطقة في حروب استنزافية وشعارات، دون أن يكون لها مردود نهضوي حقيقي سوى صناعة أصنام لجنرالات العسكر الذين لم يزرعوا شجرة أمل واحدة لمستقبل شعوب المنطقة.

على المستوى المحلي يتم تكثيف العمل الدبلوماسي القائم على أرضية المصالح الدولية المشتركة، واستثمار جميع الإمكانيات التي من الممكن أن تدعم القضايا العربية وتخطو بها المزيد من الخطوات الواعية الموزونة في المحافل الدولية ودوائر صناعة القرار.

ومن هنا، لا أدري سببا لهذا الضجيج الذي قام حول مصافحة الأمير تركي الفيصل لنائب وزير الخارجية الصهيوني؟

على الغالب يدير هذا الضجيج جوقة من القومجية المعتقين من جهة، وأصحاب الأجندات السياسية المؤسلمة من جهة أخرى، ومن هناك تم استدعاء جميع ما تمتلكه قواميسهم، من شكوك وتخرصات وحس عارم بالمؤامرة يعكس أبجديات فكر مغلق على مسلماته، عاجز عن مغادرة المواقع القديمة، أو تطوير أدوات النزال.

ففي الوقت الذي يلاحق به اسم المملكة بتهم الإرهاب والمساهمة في صناعة محاضن وجيوب للفكر الظلامي المتشدد، وأيضا في الوقت الذي يدرج اسم المملكة (في الولايات المتحدة) ضمن 14دولة يعامل مواطنوها معاملة مستريبة في المنافذ الدولية، وفي الوقت الذي يعاني فيه العالم بكامله من حالة إسلاموفوبيا جمعية، يصبح تكريس وتأكيد الجانب الإنساني المتحضر في واجهتنا مطلبا قوميا ملحا لابد أن يتبناه الجميع، أو على الأقل الواعين بتحديات المرحلة.

فأنا أعتقد عندما صافح الأمير تركي الفيصل نائب وزير الخارجية الصهيوني في مؤتمر ميونخ، فهو لم يوقع معه معاهدة سلام أو تطبيع، وإنما كان يكفكف عن اسم المملكة مناورات المكر الصهيوني، الذي يحاول أن يحرج الدبلوماسية السعودية ويظهرها بشكل متشنج وغير ناضج لو فكر مثلا الأمير أن يرفض المصافحة أو يغادر القاعة.

حماسنا كثيراً ما يجعلنا نخلط الأوراق فنتورط بالتفاصيل الصغيرة دون الإطار العام الذي كان فيه الأمير تركي الفيصل في موقع دفاع عن مواقف المملكة وتركيا ضد جميع ما تمثله الصهيونية الإسرائيلية من فكر طاغ ومتوحش في المنطقة.

أوروبا التي قررت مؤخراً أن تدخل بثقلها لدعم عملية السلام في المنطقة عن طريق تحركات ومسارات واضحة وملموسة، لن يخدمها أن نحيد تلك المسارات عبر شخصنة المواقف أو الدخول في صراعات جانبية تكرس النظرة العالمية عن شعوب المنطقة، كشعوب إرهابية عنيفة ترفض الاندماج في المجتمع الدولي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد