من عجائب ما يروى وفي ذلك الزمن الغابر والبعيد أن هناك رجلاً ليس هو والشجاعة (بولايف) ولا يستطيع الأخذ بحقه وثأره لأنه كبر وكف بصره. وكان ولده صغيراً لا يستطيع القيام بهذه المهمة الشاقة، فلما اشتد ساعده.. وقوي عوده قال له والده: أريد أن أشتري لك وأنا أبوك فرساً: ففرح الولد.. وانطلقا يبحثان عن الفرس المنشودة وبشروط نظرة الشاب كون الشايب كفيفاً، فعرضت عليهما أفراس متعددة فكانا يسألان عن (البدقري) (دمها ونسبها) وبالطبع نتائجها المعركية وليس السباقية! حتى وجدا غايتهما في فرس تدعى الكبيشة، فقال الشايب لولده وعضيده: هذه ضالتنا المنشودة فقال له ولده ولكن قطعتها صغيرة الحجم ولا أريدها وبعد أن تحسسها وتلمسها فأيقن أنها عز الطلب وعادا بها إلى عشيرتهما واستقبلوهما استقبال الفاتحين الأبطال وأقاموا لهما مأدبة دسمة على شرف (الكبيشة)، وبعد أن هدأ الرمي درب ولده على ركوبها ثم أخبره بغرضه وهو الأخذ بالثأر من رجل قد صفعه على علباه!! وأهانه بعد أن دقم خشمه وسالت دماه. ويريد أن يأخذ له بثأره ويعيد له كرامته المسلوبة ودله على غريمه ورسم له خطة الانتقام وشعبتها المرسومة! والتي تتلخص بأن يبقى الوالد بعيداً عن مضارب الأعداء مسافة مناسبة ما بين الميل ونصف الميل ويذهب الولد لوحده وعلى صهوة الكحيلة (الكبيشة) ثم يصفع خصمه مع كم دقمة ورثمة. فذهب الشقردي لتنفيذ هجومه المرتب وبعد أن وصل وجد القوم يحتفلون بعرس فارسهم ووسط مشاركة أبرز فرق السامري والخبيتي بالإضافة إلى عروض ألعاب الفروسية ومنها لعبة الجريد، وبعد أن شاهد الولد تلك الجموع والخيل بفرسانها قال في نفسه ما لها إلا النحشة! بعد أن وصلت نفاضة أم الركب (والعرق دساس) فعاد إلى والده ليعُلمه بالخبر ومعتذراً خشية أن يلحقه الفرسان (المصكات) وهاتك يا صلخ ودب وضرب. فكان رد الوالد وبحكمة وبصيرة قلبه لا عيونه وقال هذا يالخبل الوقت المناسب أن تأخذ بثأر (بيّك) وأمام هذا الحشد الكبير ودام الكبيشة معك ورسنها في يديك هي اللي ستنجيك بعد الله وأنا أبوك!
|
وأمام ذلك التحفيز امتثل الولد العزيز والبار بوالده وعاد لتنفيذ الخطة المحكمة واتجه صوب المتابعين من الحشود الغفيرة لألعاب الفروسية (الجريد والطراد). وكأنه من أعضاء الفريق الأولمبي أقصد الفريق العدو وهو أثناء ذلك يتفرس في تلك الوجيه لمعرفة خصمه اللدود.. حتى إذا ما تأكد منه عاجله بيمناه وبلطمة وثناها بلكمة من بين العيون فأوقعه عن ظهر جواده وصاح (يالثارات أبي فلان..) وليحرك فرسه بعد ذلك (كنتر مفتوح) بل قلب وبالكرابيج مثل بعض المدربين وليشغل القوم بفارسهم المغوار الذي سقط خير سقطة وأذهلتهم المفاجأة المدوية. واختبصت أفكارهم وتشتتت أهدافهم حتى إذا ما تمالكوا روعتهم واستعادوا صوابهم التفتوا فوجدوا عضيد أبوه مع الكوع الأخير يقسم المسافة وموقد على صهوة الكبيشة وهنا بدأت المطاردة وأدرك الولد أباه وأركبه خلفه على المقرودة الكبيشة وفي الوقت الذي كانت الفرس تجيب الـ400م في 21 ثانية مقفولة تراجعت لثقل الحمولة الزايدة فالولد برنتي لكن الأبو وزنه قوي من ضرب الخمس .
|
والتفت الولد فرأى الأعداء على خيولهم يقتربون منه فأعلم أباه بذلك فسأله الوالد أي الخيل أقرب إلينا فقال: فرس صفراء (أي بيضاء) فقال الشايب عليك بالأرض الوعرة وأنا أبوك لأن حوافر الخيل الصفر لا تطيق الحجارة فحول الولد مسار الكبيشة إلى المضمار الوعر وفعلاً قعدت الصفراء! ولحقت به خيول أخرى (يعني من نشيط إلى قادر) فقال له الشايب أي الخيل أقرب إلينا فقال الولد فرس شقراء: فرد الوالد حولها على مسار الأرض الشائكة لأن الشقراء جلدها رقيق لا يطيق الشوك ففعل الولد وقصرت عنه الشقراء ثم دواليك أقبلت عليهم فرس أخرى قال الوالد وش لونها فأجابه الولد (حمراء) فقال الشايب هذا بلا أبوك يعني ورط الخبل!! والله المنجي وحث فرسه الكبيشة بل نخاها بقوله (أصل رفيع وبر لا يضيع) والحمراء يقترب خطرها ومع اعتراضهم سيل ماء عريض وعلى وقع نخوة راعيها جمحت الكحيلة فقطعت الوادي وأصبحت على الضفة الثانية ولم تستطع الحمراء المنافسة أن تفعل ذلك فاطمأن الوالد وطلب من ولده بالترجل للراحة وفي أمان وسلام وهنا نزل فارس الحمراء وأخذ يتبادل الحديث معهما وبينهم الوادي وطلب منهما أن يبادلاه فرسهما بفرسه فوافق الشايب العمى ولكن الولد رفض وأجبره شايبه وسألا الرجل كيف يتم التبادل وأنت تريد قتلنا فقال: أعطيكما عهد الله وميثاقه فنزل الوادي وسلماه الكبيشة وأخذا فرسه الحمراء وركبا عليها وابتعدا ثم التفتا فإذا الكبيشة التي أخذها الرجل سطيحة على الأرض (يعني تقطعت عروق قلبها وتوقفت أنفاسها مما جاها!).
|
وهنا التفت الوالد لابنه وعضيده وقال: أبوك أبو وإن كان عمى (العمى عمى القلب) وأنا ما أعطيته الكبيشة إلا بعد أن سمعت أثناء رمياتها وقفزاتها الوادي اختلاط الحشرجة مع الحمحمة وهي مؤشرات لتوقف قلبها الكبير.. وهكذا يا سادة يا كرام أخذا بثأرهما وأنجتهما الكبيشة (حية وميتة) (ويا مدور الكديشة الوليشه) (عليك بالكبيشة لو كانت كميشة!).
|
|
في ليالي الشتاء الطويلة يحلو السهر مع النشاما ومع النشاما يحلو تجاذب المغيرات ومع المغيرات يصفو ويحلو الحديث عن أجمل الأمسيات.. وبما أننا على مشارف إطلالة كأس أبو تركي.. وتاج البطولات مساء الجمعة المقبلة فإن الترشيحات هي ملح الجلسات (واليامنه عدى يحطم أرقام المسافات واليا علمّ ما يسبقه غير ظله).
|
وابتدأ موسم قران الأفراس الجميلات (موسم الشبا) وها السنة موضة الأفحل قل وهجها والمعنى في بطن الفحل المبروك.
|
|
رجال في زولة وفالهرج رجال |
وفا لفعل ما شفنا مواري رجوله |
|