Al Jazirah NewsPaper Sunday  07/03/2010 G Issue 13674
الأحد 21 ربيع الأول 1431   العدد  13674
 
نوافذ
إرهاب دولة
أميمة الخميس

 

زراعة الدولة الصهيونية في المنطقة بشكل إمبريالي متعجرف، وأيضاً بشكل يمثل نشازاً لخلفية المنطقة التاريخية ونسيجها الثقافي جعل من الشرق الأوسط ساحة قلقة ومضطربة وميداناً دامياً لحروب متصلة وصراعات يمتزج فيها العنف الجسدي والفكري وتصفيات البقاء للأقوى.

الصراع العربي الصهيوني أبقى المنطقة مصلوبة ومرتهنة لهذه القضية وذيولها وإفرازاتها وتداعياتها لأجيال طويلة، ولطالما صعدت اللغة الحربية والفعل العسكري على لغة التنمية والفعل الحضاري، وسرقت ميزانيات الجيوش وشراء الأسلحة والذمم، ما كان من المفترض أن يذهب إلى ساحات المدارس أو قاعات الجامعات أو مستشفيات وأكاديميات علمية تقيل المنطقة من تعثرها الحضاري.

إسرائيل بمفهومها الناشز على المنطقة عجزت عن أن ترسخ أركان الدولة بقدر ما هي تمثل معسكراً لجيش خائف متوجس بإمكانه أن يتحالف مع جميع عشائر الشياطين فقط لتضمن له البقاء.

خريطة الوعي العربي جارحة ومدماة بجميع أشكال المواجهات الموجعة والمهينة مع إسرائيل، وإن كانت جزءاً من المواجهات العسكرية مع العالم العربي تحتدم في ساحة المعركة، وبشكل كان يبرر حق إسرائيل في الوجود والدفاع عن نفسها أمام المجتمع العالمي، إلا أن نوعاً آخر من الحرب المخابراتية المتمثل بالموساد ظل غامضاً وقصياً عن الوعي، حيث يختلط بها تراث يشبه تراث الحركات السرية الغنوصية، ويمتزج فيها الخيال مع الأسطورة مع ركام من مخيلة عربية مهزومة كثفتها وربطتها بالماسونية والماركسية والفرويدية، وكل الإرث اليهودي في الفكر الغربي.

الموساد الذي كان يدخل جزءاً من المخيلة عبر سيناريو بعض أفلام الجواسيس في العالم العربي ثم لا تلبث أن تنطفئ، أو عبر عشرات المؤلفات التي كانت ترمم الذات العربية المخذولة بانتصار وهمي عبر شخصية في كتاب.

تبدت لنا بشكل درامي سافر وموجع عبر اللقطات التي بثتها شرطة دبي للعالم عن تفاصيل عملية اغتيال (المبحوح)، تلك المشاهد التي عقلنت جموح المخيلة الأسطوري حول الموساد، وأبرزت لنا بالمحسوس الملموس (إرهاب دولة) تعربد بالمنطقة مخترقة جميع القوانين الدولية المتعلقة بسيادة الدول وحق الإنسان وكرامته.

لم يكن الموضوع هذه المرة جزءاً من قصة خيالية بل كان يعكس بشاعة الأيدي الأخطبوطية التي دأبت على التواري خلف أستار الظلمة.

الآن نرجو من حكومة دبي أن تسير بانتصارها حتى آخر خطواته، وتفعل الموضوع على الصعيد الديبلوماسي والإعلامي حتى منتهاه، كونه انتهاكاً سافراً لسيادة وأمن أراضيها، ولتستطيع عبر إدارة حاذقة للأزمة أن تبرز الجانب الظلامي للدولة الصهيونية أمام المنظمات الدولية والحقوقية العالمية، بشكل يعري إسرائيل أمام المجتمع الدولي ككيان لا يمثل مدنية الدولة واستقرارها بقدر ما يعكس معسكراً مريباً لجماعة دأبت على التعامل مع محيطها الحيوي بالعنف المركب وأساليب المافيا وعصابات العالم السفلي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد