Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/03/2010 G Issue 13692
الخميس 09 ربيع الثاني 1431   العدد  13692
 
استثمار حالات الوفاة
علي الخزيم

 

ربما لاحظ القارئ أن إعلانات النعي وأخبار الوفيات في الآونة الأخيرة تنشر (غالباَ) خالية من أرقام الهواتف الخاصة بأهل المتوفى، كنت بين من أبدوا استغرابهم إلى أن توفي أحد الأقارب وضمن خبر وفاته نشر رقمين للعزاء أو للاستفسار عن الموقع، فاستخدمت هذه الأرقام لأغراض غير التعزية إذ إن نسبة عالية من الاتصالات الهاتفية على هذين الرقمين كانت خارجة عن المعتاد والمألوف، بل تعدت ذلك إلى الإزعاج غير المبرر، والأسئلة الثقيلة البعيدة عن أبسط قواعد الذوق العام، والادعاءات الكاذبة على المتوفى، وغير ذلك مما سأقدم له تبسيطاً في السطور التالية؛ فمنذ توزيع الجريدة تبدأ اتصالات غير مطمئنة وبأصوات تمثيلية غير منضبطة تسأل عن المتوفى وسبب الوفاة وأكبر الأبناء، واتصال آخر يسأل هل الوفاة طبيعية أم أنها نتيجة حادث أم انه ذاك المريض الذي يذهب للمسجد على كرسي متحرك ؟! وكلها أسئلة لا تستند على أسس غير أنها تهدف للحصول على معلومات عن المتوفى على لسان النساء والأطفال خاصة لذلك فغالبية المتصلين في هذه المرحلة نساء وشابات ويبدو من طريقتهن أنهن متمرسات في هذه الألاعيب أو أصوات تقلد أصوات النساء، ويتخلل هذه الاتصالات في منتصف النهار الأول للوفاة ومسائه اتصالات عابثة من فضوليين يعتقد أن بينهم أقارب ليسوا لصيقين بأسرة المتوفى أو من المعارف ويرغبون معرفة بعض التفاصيل عن حالة المتوفى وسبب الوفاة، وهل عند الأسرة بنات في سن الزواج وهكذا من الأسئلة السامجة التي يمكن للمرء الصادق معرفة جوابها بطريقة مهذبة متحضرة، إن كان لابد له من ذلك، مرحلة ثالثة من الاتصالات هي التي تبدأ بالادعاء بأن (المرحوم) أبو فلان صديق الوالد أو الأخ أو العم فلان بذمته لأحدهم مبلغ من المال وأنهم لولا الحاجة والضرورة وسوء الأحوال لما كانوا اتصلوا ويقسمون على أن وضع الأسرة يستدعي (الفزعة) فكيف برد السلف ؟! وحينما لا تجدي هذه الحيلة يتصل صوت مسنة أو مسن بخوفهم من الله ومن عقوبته إن هم لم يسددوا دين أبيهم ويردوا ما استلفه، وكل هذا بدون مستندات أو قرائن والحجة أن ليس بين الأصدقاء مستندات أو مكاتبات ولاسيما إذا كان لمثل هذا المبلغ، وتتكرر هذه التمثيلية من عدة جهات واتصالات بأساليب وطرق مختلفة، ولو لم يكونوا نجحوا في الخداع يوماً لما عادوا إليه في حالات أخرى، ويتلقى أهل المتوفى اتصالات واضحة وصريحة من (بعض الجمعيات) يطلبون منهم إن كان لديهم صدقة عن الميت فهم على استعداد لتوزيعها على المحتاجين، ولكن المأخذ على هذا (البعض) من الجمعيات أنهم يتسابقون على استعطاف ذوي الميت ويستثمرون مشاعرهم على فقده واحتمال جودهم وبذلهم ترحماً عليه، غير أن المؤسف أن هذا السباق يبدأ قبل دفن الميت، والحزن يملأ الأنفس، ويقبض القلوب، فلو أن أحدهم يريد البذل فعلاً فإنه قد لا يتفاعل مع المتسابقين في تلك الفترة حتى يكرم الميت بدفنه على الأقل، هذا من أسرار عدم نشر الهواتف مع أخبار الوفيات أقولها عن تجربة.






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد