Al Jazirah NewsPaper Tuesday  30/03/2010 G Issue 13697
الثلاثاء 14 ربيع الثاني 1431   العدد  13697
 
إنفلونزا التجار
مهدي العبار العنزي

 

مع ازدياد الحاجات يبدأ الإنسان البحث عن سبل للعيش الكريم، تشترك فيها الحاجات الأساسية مع الكماليات، وكلها - بطبيعة الحال - ضرورية لوجود الإنسان واستمراريته في هذه الحياة، ولا غنى عنها للفرد والأسرة..

ولكن - مع الأسف - أن هذه الضروريات تصطدم بمعوقات كثيرة، من أهمها (غلاء الأسعار) هذا المرض الخطير الذي لا يقل أبداً خطورة عن كل الأمراض التي فتكت بأبناء البشر منذ أقدم العصور؛ لأن هذا الغلاء أو هذا المرض الجديد يمثل عائقاً أمام رفاهية الناس ومحاولتهم الوصول إلى المكانة اللائقة في حياتهم من كل النواحي نفسياً وصحياً وتعليمياً واقتصادياً.

إن حاجة الناس إلى الغذاء تنمو عاماً بعد عام، والخطر المحدق بالبشر يكمن في عدم توافر هذا الغذاء بأسعار مناسبة يستطيع معها كل إنسان تأمين ما يحتاج إليه هو وأسرته وإلا فإن المرض سيستفحل وإذا علمنا أن كل دول العالم تحارب الأمراض وقد تحقق لهذه الدول ما أرادت وتم القضاء على كثير منها، ومؤخراً تم التعامل مع أمراض جنون البقر والحمى القلاعية وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير، وبقي مرض لم يستطع أحد إلى هذه اللحظة معالجته والقضاء عليه، هذا المرض المسمّى إنفلونزا بعض التجار الذين استخدموا كل المواد الضرورية والكماليات كسلاح فتاك ضد أبناء جلدتهم بهدف إرغامهم على الخضوع للأمر الواقع وحرمانهم من العيش الكريم والحياة السعيدة، وأصبح هذا الغلاء أو هذا المرض مرتبطاً بالتجار فقط الذين لم يهتموا بالمجتمع ككيان واحد وكهدف واحد، وكأن همهم الوحيد الكسب المادي. لم نسمع طيلة حياتنا أن هناك اجتماعاً للتجار هدفه الأول تخفيض الأسعار ومراعاة ظروف الناس؛ لأن بعض هؤلاء التجار يعتقدون أن اجتماعاً كهذا يتعارض أساساً مع القيم التي يؤمنون بها، وهي كسب الأموال الطائلة، وهم بذلك لم يلتفتوا إلى الفقراء والمساكين وأصحاب الدخل المحدود، ولم يتجاوبوا مع أهداف الدولة التي تحارب الفقر والقضاء عليه.. إنهم - بكل أسف - لا يساهمون في هذا الجهد النبيل.

المواطن لا يريد أبداً من هؤلاء التجار صدقاتهم، ولا يريد مساعداتهم، ولا يريد هداياهم، بل يريد منهم تحكيم العقل والابتعاد عن الجشع والطمع، وأن يكونوا كما قال معلم البشرية وسيدهم محمد - صلى الله عليه وسلم -: (المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً). ويكفي لهؤلاء تعميق جراح المواطن الذي أصبح عاجزاً عن تحقيق رغبات أسرته بالعيش الكريم، والسؤال المطروح: متى يتخلص هؤلاء التجار من إنفلونزا التجار؟

***




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد