Al Jazirah NewsPaper Wednesday  31/03/2010 G Issue 13698
الاربعاء 15 ربيع الثاني 1431   العدد  13698
 
لما هو آت
حروب ونبلاء..!!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

يفتعل بعض الناس الحروب الصغيرة بينهم بعضاً، من منفذ مقدراتهم، وعصا كفوفهم، يجلدون بعضهم في وضح النهار فيظهرون بالنبلاء، وفي حلكة الظلام لأنهم أذكياء، غير أن هذا النبل وذلك الذكاء مزيفان، فما دام الهوى الحاكم الآمر المحرك لمعاقد أمورهم، وعُصيِّ كفوفهم، فلونه هو السائد، وسمته هي الغالبة،..

وفي أعراف الأخلاق ومفاهيمها، وقيمها وثوابتها، ودعاماتها وأسسها، أن الهوى هو الباعث لإمارات، خاسرة، كاسدة، مواردُها.. فكيف حين يتجلى هوى الذات، وتثور رياحه..؟ لا شك فإنه تلوث بيئي، لا تحتمله الصدور النقية، وتجفاه الأرواح الشفيفة، وتختنق به القلوب الطيبة، وتكرهه العقول الواعية..

مثل هذه الحروب، يبعثها للذاكرة أديم مسرحٍ، يقدم دراما لواقع البشر, والناس البسطاء فيه، أولئك الذين تكون حروبهم الصغيرة, تدور بواعثها من أجل لقمة عيش، أو أثاث بيت، أو فرصة عمل، أو حتى وجه جميل يتنازع لاكتسابه, المتحاربون على قدر حالهم، بمثل ما تبعثها قصص النجاح والفشل، والمكسب والخسارة, رواياتُ اليوم والأيام، والليالي والسنوات، تلك التي ترصدها تكة الساعة في معصم الشمس، كلما دارت دورتها، وكشفت عن النائمين, وهم لا ينامون، وذهبت عنهم ليعاودوا السهر, وفي صدورهم تحوك النوايا.., كالطواويس ينشرون مع خيوطها أجنحتهم, فيلتف عند قزحيتها المريدون، وتنطوي عليهم صدورهم حسرات, كلما كشحت الحروب الصغيرة في فضاء رؤيتهم، كيف تتحول إلى غابات ملتهبة من حولهم..

وكما يُقال: «النار من مستصغر الشرر»، فإن الحروب الصغيرة سرعان ما تتحول لحروب كبيرة، تماماً كما هي الشرارة، التي انبعثت عن وجه «كوثر» الجميل في (صرخة حجر), لتشعل النار حميماً في صدر «إيتان».. لتتحول القضية قضيتين، والنار تتفاقم، وتلك الحرب الصغيرة في صدره بينه، وبين زوجه وأبيها، لحرب كبرى تأخذ وجها آخر, ضمن الوجه الكبير, الظاهر والخفي, في القضية الفلسطينية، هذه التي لم يعد يحرك, في قلوب الناس أمرَها، إلا دراما، هي تمثيل لتمثيل، وخيال لواقع، وواقع لخيال..

و»جون» المشاهد في الجنادرية، يجلس للربابة فيحن للمغترب عنهم، بينما صوت «الدحة» رقصة الحرب يرعبه..!!

هي حروب صغيرة، في صدور الناس، لكنها الحياة التي تمنحها أرضاً لمعاركها، وفضاء لنواياها... والمحاربون يلبسون حلل النبلاء، ويتسمون بالأذكياء، بينما حكيم الأخلاق يرصد خساراتهم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد