Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/04/2010 G Issue 13706
الخميس 23 ربيع الثاني 1431   العدد  13706
 
يوم في الذاكرة
فصل عيد الحامد

 

يخيّل إليك أنك في مكان مختلف. كل شيء مختلف منذ الصباح شروق الشمس، نسمات البرد، الطريق والازهار. كل شيء يجبرك على ارتشاف (استنشاق عميق) كمية كبيرة جداً من الأكسجين النقي. لتملأ به رئتيك حد الاكتفاء، لتطلق في النهاية زفيراً قوياً. بقوة قناعتك بأن ذلك الرجل مريح جداً. ولا بد أن تكون هناك قصة نجاح عظيمة وقصة كفاح جعلته هنا وجعلت سيرته تسبق اللقاء به والحديث معه.

وإنني حتماً في النهاية سأقف طويلاً لأصفق له ولنجاحاته لقناعتي بأن هذا الرجل متصالح من الداخل مع نفسه وذاته قبل التصالح مع الدنيا والناس يأتيك على غير موعد يقف بجانبك يمد لك يده.. لا يعلم من أنت ومن تكون. لكنه يعلم جيداً أن الناس لديه سواسية وأن تقديم المساعدة ليس حكراً على أحد دون سواه.

يعشق التجوال وكأنه يبحث عن من يحتاجه وبصوت الواثق: (إخواني مشوا الناس لا تجعلوهم ينتظرون بالخارج في هذا الجو البارد).. صوت يأتيك من الخلف. يوقظ فيك الأمل الضائع، صوت واثق لرجل يتفقد أحوال رعيته بالجوار.

خطف أوراقي من بين أصابعي وأنا أنظر للقادم من وراء الحلم مذهولة: (وش المطلوب أختي) أنهيت مرحلة دراسية وأريد تصديق أوراقي. ألف مبروك. قالها. لقد بارك لي؟ وما أجمل ألا يغفل الآخرون عن المبادرة بهذه الكلمة البسيطة؟

خاطب الموظف بلهجة الأب الحنون والأخ السند والصديق الذي علم جيداً أن من قال: (النار ما تاكل إلا رجل واطيها) حتماً هو إنسان لا صديق له..

(أنهي للأخت كل الإجراءات ولا تجعلها تنتظر طويلاً).. وغادر، غادر المكان بعد أن ترك الكثير من التساؤلات..

كم في بلدي من مخلص كهذا الرجل. غادر المكان وهو ينظر للحديقة والممرات يخيّل لك بأنه يبحث عن أي ورقة أو بقايا ليضعها في السلال مع وجود العديد ممن يتولون مهمة التنظيف. ينظر في كل الاتجاهات هو من (قوم تعاونوا ما ذلوا)، رجل لا يضع العقد بالمناشير، ولا يربط الحبل ويطلب من الآخرين فكه، لا يتعب من الجلوس والوقوف لمقابلة مراجع وتوديعه

حتى يخيل إليك أنه عشق في الصغر لعبة الكراسي، لا تهمه الخسارة إن كان هناك رابح يقول المسرح في البداية والنهاية للإنسان الناجح.

يبدأ يومه ب(بسم الله الرحمن الرحيم)، (توكلت على الله)، ويختتم نهاره ب(الحمد لله العظيم على نعمه) تمنيت قبل أن أغادر كل هذا التفاؤل كل هذا الطيب والنخوة السعودية أن أقدم له كل أزهار الدنيا، إنه د. علي بن عبد الله الزهراني الملحق الثقافي للمملكة العربية السعودية في المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة. تحية لرجل مخلص من القلب وبطاقة شكر على كل جهد وعطاء تقدمه للوطن ولأبنائه الدارسين في الأردن الشقيق.

القريات



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد