Al Jazirah NewsPaper Saturday  10/04/2010 G Issue 13708
السبت 25 ربيع الثاني 1431   العدد  13708
 
وسط ترقب واهتمام من أبناء البحرين
زيارة تاريخية قادمة للملك عبدالله لمملكة البحرين

 

البحرين - جمال الياقوت:

تشكّل الزيارة التاريخية التي ينوي أن يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - إلى مملكة البحرين خلال الأيام المقبلة والتي تعتبر أول زيارة له للبلاد منذ توليه سدة الحكم في الأول من أغسطس 2005 علامة فارقة ولبنة جديدة وحلقة استثنائية في مسيرة تعميق وتوطيد علاقات التعاون المشترك ارتكازاً على ما يجمع بين قيادتي وشعبي المملكتين من ثوابت ورؤى مشتركة تجمعها وتعزّزها روابط الإخاء والمحبة الممتدة إلى جذور التاريخ والمستندة على أساس راسخ من العلاقات الأخوية التي تزداد صلابة على مرّ الأيام وتسهم في بناء صرح متكامل ونموذجي من العلاقات المتميزة بين البلدين وبلورة آفاق واعدة وأرحب في المجالات كافة.

وتكتسب زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ومحادثاته مع صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين أهمية بالغة من حيث التوقيت والمضمون في ظل ما يتمتع به الزعيمان من رؤية ثاقبة وقراءة واضحة وواقعية للظروف الدولية والإقليمية الراهنة ومع ما تمر به المنطقة العربية حالياً من تحديات توصف بأنها مصيرية وسياسية وأمنية بالغة الأهمية نظراً لما تمثّله المنطقة من أهمية إستراتيجية على المستوى العالمي في ظل امتلاكها معظم الاحتياطي النفطي وما تمثّله من بعد جيوبولتيكي تتقاطع عنده مصالح العالم الاقتصادية والأمنية والسياسية فضلاً عن استمرار احتلال إسرائيل للأراضي العربية وممارستها المستمرة لوضع العراقيل أمام عملية السلام ورفض منطق الحوار الأمر الذي يتطلب المزيد من التنسيق لتحقيق التضامن العربي واتخاذ المواقف الموحّدة القادرة على التعامل مع المتغيرات الإقليمية والدولية على قاعدة المصلحة العربية.

وتعد الزيارة التاريخية تتويجاً للعلاقات الأخوية والوطيدة والمتميزة بين قيادتي المملكتين وما تشهده من تطور ونماء من التعاون المثمر في شتى المجالات في ظل تميز العلاقات البحرينية السعودية والتي تتجسد في التطور الملحوظ في العلاقات الثنائية المشتركة والتواصل والتشاور المستمرين تجاه القضايا الخليجية والعربية والإقليمية.

كما تأتي لتضيف إلى تاريخ العلاقات بين البلدين فصلاً جديداً من التعاون المثمر على كافة المجالات، وتعد تأكيداً لمدى حرص البلدين في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين على تنمية علاقاتهما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وتعزيز التعاون الثنائي والعمل الخليجي المشترك والانطلاق به إلى آفاق أرحب.

وتستند العلاقات الأخوية والوطيدة التي تربط بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين على تاريخ طويل من الاحترام المتبادل ومشاعر الود والمحبة الصادقة بينهما وإيمانهما بأن حقائق التاريخ ربطت بينهما بوشائج متينة ووثقت علاقاتهما الطيبة والفريدة على مر الأزمان برباط وثيق من التواصل والتعاون في ظل وحدة الهدف والمصير.

وتتفرّد العلاقــــــات الثنائية بين المملكة العربية السعودية وشقيقتها مملكة البحرين بالعديد من المميزات والخصائص المهمة تجعل منها أنموذجاً في العلاقات العربية العربية القائمة على صياغة رؤية مشتركة لترسيخ دعائم التعاون القائم بين البلدين منها تطابق رؤى قيادتي البلدين تجاه القضايا العربية والإقليمية وكيفية التفاعل معها مع التمسك الأصيل بالثوابت العربية والإسلامية تجاه كافة القضايا وتعزيز سبل العمل العربي المشترك والسعي الجاد لإحلال السلام الشامل والعادل ودعم كافة الجهود التي تضمن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، حيث ينتهج البلدان سياسة خارجية قوامها العقلانية والحكمة والتمسك بمبدأ الحوار في كافة المحافل الإقليمية والدولية.

التعاون الاقتصادي

تعد المملكة العربية السعودية الشريك التجاري الأول للبحرين، حيث بلغت الاستثمارات السعودية في البحرين حتى أكتوبر عام 2005 ما يزيد على 700 مليون دينار، فيما بلغ عدد الشركات الفاعلة التي فيها استثمار سعودي نحو 315 شركة، بينما بلغ عدد الشركات السعودية العاملة والمسجلة في البحرين 43 شركة فضلاً عن وجود العديد من المشروعات الاقتصادية المشتركة التي تربط بين رجال الأعمال والمستثمرين في البلدين والتي تعزّزت بشكل كبير بعد افتتاح جسر الملك فهد عام 1986م.

وتمثّل المملكة العربية السعودية عمقاً إستراتيجياً اقتصادياً لمملكة البحرين كونها أكبر سوق اقتصادي في الوطن العربي وتعتبر فرصة استثمارية كبيرة أمام القطاع الخاص البحريني لترويج البضائع والمنتجات البحرينية وتلك التي تصل البحرين «ترنزيت» في إطار سياسة إعادة التصدير لاسيما أن اقتصاد البحرين يعد إكثر اقتصاديات المنطقة تطوراً وتحرراً بفضل السياسة الاقتصادية التي اختطتها القيادة الرشيدة وصولاً إلى الرؤية الاقتصادية 2030م.

وتشكل حركة السياحة نشاطاً حيوياً بين البلدين أخذاً في الاعتبار أن عدد المسافرين لمجموع الاتجاهين منذ بدء تشغيل جسر الملك فهد في 9-11-1986م إلى نهاية العام 2008م بلغ (170.944.518) مسافراً بمعدل (21.188) مسافراً يومياً للاتجاهين مع العلم بأن مملكة البحرين استقبلت نحو 4.46 ملايين سائح خلال النصف الأول من العام الماضي 2009 غالبيتهم العظمى من المملكة العربية السعودية.

وتعتبر زيارة خادم الحرمين الشريفين وما يتخللها من مباحثات اقتصادية فرصة قيمة لتعزيز سبل التعاون الاقتصادي والتجاري والتنموي المشترك لاسيما في إطار سعي مملكة البحرين الدؤوب والمستمر في جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية وتوفير كل الإمكانيات لاستقطاب هذه الاستثمارات مع ما تتميز به مملكة البحرين من بيئة استثمارية ومالية ومصرفية وتشريعية وقانونية أشادت بها تقارير المنظمات الدولية الاقتصادية العريقة منها تقرير - الاستثمار العالمي 2009 - الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الاونكتاد» الذي أشار إلى ارتفاع رصيد البحرين من الاستثمارات الأجنبية إلى أكثر من 18.84 مليار دولار بنهاية العام 2008 كما حققت مملكة البحرين المركز الأول خليجياً والثاني عشر عالمياً في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفقاً لتقرير الاستثمار العالمي 2008 فيما تحتضن المملكة 414 مؤسسة مالية ومصرفية وشركة تأمين (نوفمبر 2009) بينما قفزت الميزانية الموحدة للجهاز المصرفي إلى نحو 224.3 بنهاية سبتمبر 2009م.

كما يجمع البلدين تعاون مثمر في المجالات الثقافية والفنية والأدبية انطلاقاً مما يربط بينهما من وحدة اللغة والثقافة والتاريخ المشترك يعزّزه حرص جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين على حضور مهرجان الجنادرية للتراث سنوياً والذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

وفي إطار التعاون الثقافي والفني المشترك بين البلدين استضافت مملكة البحرين في منتصف فبراير 2009 معرض صاحب الجلالة الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - ثاني ملوك المملكة العربية السعودية والذي احتوى على نحو مائة وخمسين صوره مختلفة تجسد تاريخ الملك سعود وبدايات الدولة السعودية الثالثة والتي شارك فيها الملك سعود تحت إمرة والده المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز في توحيدها ثم إنجازاته كولي للعهد والممتدة لمدة 21 عاماً ثم ملكاً لمدة أحد عشر عاماً. كما ضم المعرض مقتنيات ووثائق عن تاريخ الملك سعود وأحداثاً مصورة ومدوّنة في الصحف والمجلات وقاعة مخصصة لوثائـــق وصور تاريخــيـة ونادرة للعلاقات السعودية البحرينية في عهد الملك سعود منذ أن كان ولياً للعهد.

كذلك يشكل التعاون الأمني جانباً مهماً في أجندة العلاقات بين البلدين بخاصة في ظل التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة والتصدي لظاهرة الإرهاب.

تاريخياً تعود العلاقات الرسمية بين السعودية والبحــريـــن إلى الدولــة السعودية الأولى (1745 - 1818)، حيث بدأ التلاقي بين البلدين وتوطدت تلك العلاقة في الدولة السعودية الثانية (1840 - 1891) توجتها العديد من الزيارات في تلك الفترة بين المسؤوليين في البلدين والتي كانت تهدف إلى التشاور والتعاون لما فيه مصلحة الجانبين، حيث زار سمو الأمير سعود بن فيصل بن تركي - طيب الله ثراه - البحرين في 1870 ، كما قام المغفور له بإذن الله سمو الأمير عبدالله بن فيصل بزيارة البحرين في 26 أغسطس 1887م.

وكانت أول زيارة قام بها الإمام عبدالرحمن بن فيصل والد الملك عبدالعزيز طيّب الله ثراه للبحرين في العام 1876 ، فيما كانت أول زيارة يقوم بها المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز آل سعود إلى البحرين عندما كان في العاشرة من عمره مع والده الإمام عبدالرحمن وذلك في العام 1891م.

وجاءت الزيارة الثانية للملك عبدالعزيز في عام 1930 تلتها الزيارة الثالثة في العام 1939 ، كما زار الملك سعود بن عبد العزيز طيب الله ثراه البحرين عام 1954 ، فيما لم تتوقف الزيارات المتبادلة منذ ذلك الحين بين قيادتي البلدين في إطار الحرص المشترك على بلورة علاقة متينة تزداد رسوخاً وقوةً وتلاحماً يوماً بعد يوم ما يؤكّد بالفعل أن مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية مملكتان يربطهما قلب واحد وعلاقة تضرب جذورها في أعماق التاريخ تزداد ازدهاراً على مر الزمن.

يشار إلى أن المملكــــة العربية السعودية شهدت منذ مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز العديد من المنجزات التنموية العملاقة على امتداد مساحتها الشاسعة في مختلف القطــاعـــات الاقتصــادية والتعليمــــية والصحيـــــة والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة تشكل في مجملها إنجازات جليلة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته مما يضعها في رقم متميز في خارطة دول العالم المتقدمة.

وما برحت السياسة الخارجــية للمملكـــــة العربــية السعودية تعبر بصدق ووضوح مقرونين بالشفافية عن نهج ثابت ملتزم تجاه قضايا الأمة العربية وشؤونها ومصالحها المشتركة ومشكــــلاتها وفي مقدمتـــــها القضية الفلسطــينية واسـتعـادة المسجد الأقصى المبارك والعمل من أجل تحقيق المصالح المشتركة مع التمسك بميثاق الجامعة العربية وتثبيت دعائم التضامن العربي على أسس تكفل استمراره لخير الشعوب العربية.

وضاعفت الدبلوماسية السعودية جهودها على الساحتين الإقليمية والدولية لما تمر به المنطقة من أزمات وصراعات وذلك عبر انتهاج الحوار والتشاور وتغليب صوت العقل والحكمــة في سبيل درء التهديدات والأخطار والحيلولة دون تفاقمها والعمل على تهدئة الأوضاع وتجنب الصراعات المدمرة وحل المشاكل بالوسائل السلمية.

وفى هذا الإطار قدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - عندما كان ولياً للعهد - تصوراً للتسوية الشاملة العادلة للقضية الفلسطينية من ثمانية مبادئ عرف باسم - مشروع الأمير عبدالله بن‌ عبدالعزيز - قدم لمؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002م وقد لاقت هذه ‌المقترحات قبولاً عربياً ودولياً وتبنتها تلك القمة وأكدتها القمم العربية اللاحقة خاصة قمة الرياض الأخيرة وأضحت مبادرة سلام عربية.

وفي مجال نبذ الصدام بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات وتقريب وجهات النظر بينها دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في أكثر من مناسبة إلى تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة وإلى ضرورة تعميق المعرفة بالآخر وبتاريخه وقيمه وتأسيس علاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والاعتراف بالتنوع الثقافي والحضاري واستثمار المشترك الإنساني لصالح الشعوب كافة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد