Al Jazirah NewsPaper Saturday  17/04/2010 G Issue 13715
السبت 03 جمادى الأول 1431   العدد  13715
 
إدارة القطاعين العام والخاص
م. عمر الأيداء

 

«الإدارة في القطاعين العام والخاص متشابهة جوهرياً في جميع الجوانب غير الأساسية، أو القليلة الأهمية» مقولة مشهورة لوالاس ساير الذي بناها بعد سنوات من المراقبة للعمل الحكومي، والمراجعة الدقيقة للمعلومات والبيانات التي تقارن بين الإدارة بين القطاعين العام والخاص. ولكن هل الإدارة في القطاعين العام والخاص متشابهتان، أم مختلفتان، أم ماذا؟.

اختلف العلماء، وكعادتهم دائماً في كثير من أمور الحياة المختلفة، حول هذه النقطة، فمنهم من يرى أنّ مبادئ وأسس الإدارة واحدة في القطاعين، حيث يرى أشهر أنصار هذا الرأي هنري فايول أنّ كل المنظمات تتطلّب تخطيطاً، وتنظيماً، وتنسيقاً، وتوجيهاً، ورقابة، ويرى أيضاً أنّ نحن أمام علم واحد وهو علم الإدارة الذي يمكن أن يطبق على القطاعين العام والخاص، وبالتالي فالإدارة في القطاع العام والخاص متشابهتان.

في المقابل هناك من يرى فروقاً جوهرية بينهما، ومن أشهر من تكلّم عن ذلك البروفيسور جلاند، والدكتور جراهم اليسون الذي قدم ورقته» Public and Private management: Are They Fundamentally Alike in All Unimportant Aspects»، «الإدارة في القطاعين العام والخاص، هل هما في الأساس متشابهتان في جميع الجوانب القليلة الأهمية» في مؤتمر بحوث الإدارة العامة، سنة 1980م، والذي استعرض فيها ثلاث قوائم من الاختلافات بين الإدارة في القطاع العام والقطاع الخاص: قائمة «جون دنلوب» وقائمة «ريتشارد نيوستات» وقائمة مجلة الإدارة العامة «Public Administration Review»، وأبرز ما اشتركت فيه تلك القوائم هو الاختلاف في الإطار الزمني للتخطيط، ومعايير القياس والأداء، وتأثير السلطتين التشريعية والقضائية على الإدارة، والسلطة على المنظمة، والعلاقة مع الصحافة ووسائل الإعلام.

وعند النظر في نقاط الاختلاف التي استعرضها جراهم اليسون في ورقته تجد أنها فروقات غير جوهرية، بل إنها قد تكون مبنية على أسس غير علمية، فقد ذكر جراهم أنه لو أمكن فصل القطاعات إلى مجموعتين متجانستين، إحداهما عامة والأخرى خاصة، لسهولة عملية تحديد أوجه التشابه والاختلاف، ولكن في الواقع من الصعب فصلهما، كما ذكر أنّ المنظمات المصنّفة عامة أو الخاصة تختلف فيما بينها اختلافاً هائلاً، ولهذا اختار وظيفتين إداريتين، إحداهما تمثل القطاع العام والأخرى تمثل القطاع الخاص. وبالتالي فعملية المقارنة غير موضوعية، لأنّ الوظيفتين لا تعكسان قطاعاتهما، فكان المفترض إيجاد نقاط مشتركة ومتشابهة للإدارة في القطاعات العامة، ونقاط مشتركة ومتشابهة للإدارة في القطاعات الخاصة، ومن ثم المقارنة بينهما. والتي حتماً لن يجد تلك الفروقات التي ذكرها وسردها في ورقته العلمية.

فلا بد من التفريق بين إدارة القطاع العام والقطاع الخاص، وبين القطاع العام والقطاع الخاص، فنحن أمام أمرين وهما: الإدارة، والقطاع، فالإدارة أجدني أميل وبقوة إلى أنّ الإدارة واحدة، تخطيط، تنظيم، تنسيق، توجيه، رقابة، سواء في القطاع العام أو الخاص، والاختلاف يكمن في كيفية تنفيذ تلك الوظائف الإدارية السابقة المبنية والمنطلقة من أهداف المنظمة والقطاع، التي حتماً تختلف باختلاف المنظمات العامة والخاصة، فالقطاعات العامة أهدافها منطلقة من فلسفة الدولة وسياساتها، وأيدلوجيتها، والقطاعات الخاصة أهدافها منطلقة من رغبات فردية وشخصية، والتي أيضاً تختلف فيما بينها، وهناك بعض الاتجاهات للتفريق بين القطاع العام والخاص كما ذكرها الدكتور الكبيسي في كتابه الفكر التنظيمي، فقد ذكر اتجاه التفريق من خلال الحس العام، والوضع القانوني والرسمي، ومن خلال الأنشطة والخدمات والتسمية، وأخيراً من خلال التأثير والتدخل الحكومي في السلوك التنظيمي.

ولكن تبقى الإدارة واحدة أينما وجدت، تخطيط، تنظيم، تنسيق، توجيه، رقابة، فنحن أمام علم واحد فقط، علم الإدارة، سواء في القطاع العام أو الخاص، وإن أراد البعض التفريق بينهم.



alaidda@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد