Al Jazirah NewsPaper Saturday  17/04/2010 G Issue 13715
السبت 03 جمادى الأول 1431   العدد  13715
 

حتى لا نخسر (رجال الأعمال) في المناسبات الوطنية والمشاريع الخيرية..!!
د. علي بن محمد الحماد

 

على سواعد الرجال تشيد الحضارات، وتبنى المحافظات، وتقوم الأعمال الخيرية، والمشاريع الوطنية.. كما يقول العلماء!

(بحب الأوطان عُمّرت البلدان).. وهمم الرجال تحطم الجبال..

وللأوطان في دم كل حر

يد سلفت ودين مستحق

وحيث إن المشاريع الوطنية، والأعمال الخيرية لا بد لها من عصب الحياة الذي هو (المال)، والنفوس جبلت على حب المال حباً (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)، (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)، (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا)، وبذل العطى، وكف الندى يحتاج إلى عزيمة وشهامة وشكيمة كي يقتحم المرء خوالج نفسه، وأثرة قلبه بالمال ويخرجه للمشاريع والمصالح، لأن سؤال الناس أموالهم حري باستخراج ضغائنهم كما قال تعالى: (وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ).

لذا أهيب بإخواني في جميع المحافظات، وكل المناسبات أن يعزوا الأعمال لأصحابها، والفضائل لأربابها، ولا تبخسوا الناس أشياءهم!! حتى نوقظ الوسنان، ونشجع الجبان، ويعلم كل ثري أن حقه محفوظ، وشكره موفور، وصنيعه معروف.

فلا يهضم جنابه، أو يبخس حقه وكيانه، أو يرتقي أحد على أكتافه!! لأن هذا شرف دنيوي، وأجر أخروي، حتى إبراهيم عليه السلام يقول: (اجعلني وجيهاً في الدنيا والآخرة...). وقال تعالى: (آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً...).

فمما يثير حفيظة رجال الأعمال أن يُشيد ويحتفى، ويشرف وبقدر من بذل القليل ويهضم جناب المحسن الكبير!!. وبهذه المناسبة أهيب بجناب جريدة (الجزيرة) السبّاقة كعادتها مشكورة في تغطية المناسبات الوطنية، والمشاريع الخيرية، تغطية شافية كافية.

لكن الذي يثير الاستغراب عند البعض هو أن الراعي الرسمي، الذي يتكفل بكامل تكاليف الضيافة، ويتبرع بما يناهز (كذا وكذا) لم يُذكر دوره، أو يبرز تبرعه، فيتساءل المرء هل هو خلل في التغطية الإعلامية أم هناك (هنيهات) قلبية!! ولا أخاله يخفى على فطرة كل عاقل لبيب أن بخس الناس حقوقهم بهذه الصورة سيحبط المعنويات، ويأد المواهب في المناسبات القادمة.. ونحن ننزه المسؤولين عن ذلك أن يكونوا قاموا به بنوايا معينة وحاشاهم أن يكونوا من الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا!! أو يستغلوا طيبة الرجل!! وسمو نفسه أو من حوله من ذويه.

ولا يرتاب منصف أن إبراز هذه الأدوار فيه تشجيع للأثرياء للبذل والعطاء، وأن حقهم محفوظ، وشأنهم موفور..

وهذا ليس أمراً دينياً بحتاً حتى يخرج علينا من قلّ فقهه ويقول: إن لا تعلم يمينه ما تنفق شماله.. أو هكذا.. فهذه نصوص ليس هذا مكانها!! (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).

بل على العكس من ذلك، فالله يوجه عباده لإبراز التبرعات العامة، للمشاريع الخيرية والمصالح الوطنية للعباد والبلاد.. لذا يقول الله سبحانه: (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ)، فهنا خص سبحانه ما يعطى الفقراء فهو الذي يحسن إخفاؤه!!

ويعلم الله أنه لم يحملني على هذه التنبيهات الأخوية إلا الغيرة على وطني وتشجيع الآخرين، وإحقاقاً للحق، ووضعاً للأمور في نصابها، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يشكر الله من لم يشكر الناس).

طلب أحد كبار فحول الشعراء طلباً من أحد الخلفاء الأمويين، ووعده بقصيدة ما سمع بمثلها العرب أبد الدهر!! فقال الخليفة: مقامي لا يحتاج لثناء أحد أو شكره!!

فرد الشاعر عليه قائلاً:

فلو كان يستغني عن الشعر سيد

لعزة ملكٍ أو علو مكان

لما أمر الله العباد بشكره

فقال اشكروا لي أيه الثقلان..!!

فلا نغالط الحقائق، ونخفي أنفسنا ما الله مبديه.. أما من لديه خلط في أمور الدين والصدقات، والقيام على الأرامل والمساكين والفقراء وبين المشاريع الخيرية والوطنية والتبرعات وأمور الشهامة والكرم والرجولة التي تأتي بالدين والدنيا معاً مع الاحتساب، فهذا له باب وجواب!!

وكذلك من لا يرى إظهار نفسه لكي لا يعلم مقدار ثروته، أو يخاف على نفسه من شيء ما أو....

فهذا يحترم رأيه، وللناس فيما يعشقون مذاهب.. والله من وراء القصد والسلام عليكم.

ALI5001@HOTMAIL.COM

محافظة- رياض الخبراء


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد