Al Jazirah NewsPaper Tuesday  27/04/2010 G Issue 13725
الثلاثاء 13 جمادى الأول 1431   العدد  13725
 
نوافذ
تحذير ...
أميمة الخميس

 

في الكلمة التي ألقاها وزير الثقافة والإعلام الدكتور خوجه، أمام الدورة الـ11 للمؤتمر الدولي للأمن الثقافي العربي الذي بدأ أعماله في بيروت. قال (إنّ دول العالم التي خرجت من نير الاستعمار عادت لترتمي بين أحضانه مرة أخرى عبر استنساخ النموذج الغربي للتنمية، على اعتبار أنّه البلسم الشافي من ويلات التخلف).. وأضاف: (إذا ركزنا على أمننا الثقافي وأمننا الخاص بنا وعلى الوحدة الفكرية الثقافية التي تجمع العالم العربي كله، فلا خوف من أي تهديدات أخرى).

ولأن الكلمة أتت من مسؤول مثقف ونشط، وصاحب نية مخلصة ترغب في تشجير حقول الثقافة وإنقاذها من التصحر، فقد استوقفتني عدد من النقاط في خطابه الذي كان معمماً على غالبية الصحف السعودية!

فالخطاب يرفض استنساخ النموذج الغربي في التنمية، وبالتالي يجعل الغرب هنا كتلة واحدة مصمتة متشابهة، بحيث نرفضها كلية أو نقبلها بمجملها، على حين في الواقع نجد أن زمن الحداثة والمركزية الأوروبية الغربية قد انتهى وولى، والعالم بنسب متفاوتة يدخل زمن العولمة (ما بعد الحداثة)، حيث الاحتفاء بالثقافات المتعددة، الأقليات، والأثنيات مثل آداب وفنون الشرق الأقصى والنمور الورقية القادمة بحماس من آسيا، وموسيقى وروايات أمريكا اللاتينية، وعراقة التاريخ في الشرق الأوسط، في العالم هناك تيارات طليعية نشطة زحزحت المركزية الأوروبية عن تعجرفها, لاسيما مع خفوت لغة الخطاب العسكري (الذي كان يغذيها) بعد انتهاء الحرب الباردة.

كما أن تقسيم العالم إلى غرب وشرق لا يلتقيان القادم من كلاسكيات الخطاب النهضوي القومي، وهذا يلقي بغلالة ضبابية على دعوات الحوار العالمي والوطني، والتي تحاول أن تتخذها المملكة هوية عالمية لها دعماً لمسمى (مملكة الإنسانية) ولكن في استدعاء أدبيات القومية العربية المندثرة وحس المؤامرة الاستعماري القادم من الغرب والاسترابة من الآخر, سنتقهقر سنوات إلى الخلف لتتعثر الخطوات الواسعة التي قامت بها المملكة في مجال الحوار العالمي.

أيضاً نجد في الخطاب أن معالي د. خوجه مازال يعول على العالم العربي لتحقيق نهضة شمولية وأمن واستقرار في المنطقة، تتكامل حتى تصل إلى الجانب الفكري والثقافي، على حين أن المواطن العربي البسيط لم يعد يلقي بالاً أو يكترث لجميع الشعارات المنبتة عن واقعه وهمومه اليومية، أو الشعارات الصادرة عن مؤتمرات القمة العربية ووالتي هي على غالبها ترويج لبرامج ولأيدلوجيات وسياسات متنافرة متقاطعة ذات أجندات متفاوتة ومصالح متضاربة وهيكلية سياسية ما برحت تراوح في القبلية والعشائرية بعيداً عن شكل الدولة الحديثة، لتعجز عن أن تتجاوز الحدود والأسوار وتفعل برامج تنموية ونهضوية مشتركة في المنطقة تستهدف الإنسان العربي ومستقبله وطموحه والحيز الذي يحتله بين الأمم المتطلعة إلى النهوض من كبوتها.

لعلّ متطلبات المنبر الذي ألقيت فيه هذه الكلمة كانت تتطلب من وزيرنا المثقف والدبلوماسي السابق, أن يساير الجو وأن يستجلب هذه الأدبيات ليقدمها لجمهور من مخضرمي المثقفين ما برحت تطربهم شعارات القومية، وينتشون بمقولات التصدي للمشروع الغربي في المنطقة، وسواها من الأطروحات المثالية.

ولعلمي بسعة أفق وزيرنا المثقف ورحابة صدره عندما أطلق صفارة تحذير وإنذار, فضلت أن نتشارك هذه الملاحظات بدلاً من أن تتحول إلى استفهامات غامضة في رأسي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد