Al Jazirah NewsPaper Monday  10/05/2010 G Issue 13738
الأثنين 26 جمادى الأول 1431   العدد  13738
 
رؤيتنا وحوار الطائرة والشهاب!
ماجد بن ناصر العُمري

 

كنا على متن طائرة في رحلة عودة للرياض وكان الذي بجانبي يتمتم ويعبس وجهه وهو ينظر إلي أحياناً ثم يتلفت يمنةً ويسرة بشيء من الإحباط والحيرة حتى ظننت أنه تائهٌ فوق السحاب!ثم نظر إلي بنصف عين بسبب نظارة القراءة التي يرتديها وقال لي: إن هذا جيلٌ يتخبط بين ماضٍ مجيد وحكايا عن الصبر والجوع والجهل، وبين حاضرٍ يمشي باختياله على مركبٍ لم يحدد وجهته بوضوح ويغرب ولا أدري أين سيرسو بنا؟!وبعد لحظة صمت وتأمل، عاود نظرته إلي من طرف نظارته مكملاً حديثه بقوله: أؤكد لك أنني فعلاً لا أدري أين سيصل بنا المطاف في عالم التنمية، كلها محاولات تتبع محاولات أكثر تكلفةً من التطوير ومحاولات البناء، والسؤال الأهم هل نحن نتقدم أم نتقادم؟! هكذا كان مدخل الحوار بيني وبين ذلك البروفسور الجامعي وخبير التخطيط على متن الطائرة، ثم أردف متسائلاً: متى تكون عبارة «made in ksa» بحجم هيبة «made in germany»؟

فقلت له إذا صار ذلك هدفاً لنا فإننا سنحققه!

فقال: ومتى يصبح لدينا موظفين ملتزمين كاليابانيين: فكان الجواب إذا أردنا ذلك هدفاً، فصار يتصفح كتاباً حول تطوير التعليم في سنغافورة، وكلما قرأ مقطعاً يقول: هذا هو الحل، هذا هو الحل! ثم ينظر إلي بتجهم وكأنني أنا السبب في حال منهجية ومخرجات التعليم ويعاود القراءة!

فقلت له: أنت أستاذ جامعي عريق وقد تخرجت من أكسفورد ولديك الكثير من العلم، ولكني سأسألك هذه المرة بعد أن امتحنتني بأسئلتك، بعضنا يتمنى تعليماً أفضل من سنغافورة، وسهولة إجراءات وتعامل راقي وأبراج ومولات أفضل من التي في دبي، والكل يتحدث عن توظيف شبابنا، وبناتنا، والبعض يتمنى مصانع عملاقة، وأمنا غذائيا، ومائيا، وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، ويحلمون بمشاريع إسكانية تطورها الحكومة، وكل شيء نطلبه من الحكومة! وإذا مللنا من طول الانتظار البيروقراطي وحوار الطرشان، قمنا نعاود الطلب من القطاع الخاص ثم نتهمه بالجشع والاستغلال! فقام صاحبنا بالكتابة على الصفحة الأولى من كتاب «من العالم الثالث إلى الأول» الآية الكريمة ?أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ?وأضاف مقولةً لستيفن كوفي يقول فيها «ينبع الحماس من القلب وهو يعبّر عن نفسه على شكل تفاؤلٍ وإثارةٍ وتواصلٍ عاطفيٍ وتصميم، إنه يشعل فينا الدافع الذي لا يمكن إيقافه، ويأتي الحماس نتيجةً لخيارنا وليس نتيجةً للظروف المحيطة بنا، إن الأشخاص الذين يتمتعون بحماسٍ عال يؤمنون أن أفضل طريقةٍ للتنبؤ بالمستقبل هي صناعته!»وبعد ذلك اختفى الأستاذ الجامعي من جانبي وشاهدتُ من نافذة الطائرة ما يشبه الشهاب أو كأنه ضوءٌ وانطفأ!

كاتب ورجل أعمال


majed@alomari.com.sa

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد