Al Jazirah NewsPaper Monday  10/05/2010 G Issue 13738
الأثنين 26 جمادى الأول 1431   العدد  13738
 
مستعجل
سيول الرياض مشكلة.. وغياب المسؤولية مشكلة أخرى
عبد الرحمن بن سعد السماري

 

سيول الرياض.. هي امتحان دقيق لمشاريع الرياض.. وبالذات.. مشاريع تصريف السيول.

- والرياض.. ترسب كل سنة في هذا الامتحان بجدارة واستحقاق.. حيث تتجمع السيول والأمطار في بحيرات كبيرة.. وتتحول شوارعها إلى أودية جارفة.. ولا تستطيع الرياض تصريف شيء من هذه السيول.. ولهذا.. فإن سكان الرياض ترتعد فرائصهم ويأخذهم الخوف الشديد.. منذ أن يروا قطعة غيم.

- أما إذا أمطرت سماء الرياض.. فإن الكل يطير إلى بيته؛ خوفاً من أن يهلك في الشوارع والميادين.. أو أن يحال بينه وبين بيته.. أو خشية أن يبقى معلقاً في مكان لا يستطيع أحد الوصول إليه أو العثور عليه.

- الناس.. منذ قرون.. يفرحون بالخير والمطر والسيول.. ويستبشرون بها حتى في المساجد.. وحتى هذا اليوم.. الناس تلاحق السيول والأمطار وتبحث عنها.. بل إن الأولين (يُخيِّلون) (الحياء) بمعنى.. أنهم يراقبون السحب والغمام أين ذهب وأين أمطر وأين اتجه.. ويلاحقونه ملاحقةً.. ولا يمكن أن تتصور فرحتهم وسعادتهم إذا نزل (الحياء)، وإذا انتشر.

- أما أهل الرياض.. فلهم شأن آخر مع المطر؛ إذ تتحول نقطة المطر إلى خوف ورعب وهلع.. وبمجرد أن تمطر السماء.. يصابون بذعر لا يمكن وصفه.

- يتسابق أصحاب السيارات إلى بيوتهم بشكل يذكرنا بتطاير السيارات في الشوارع قبيل مدفع الأفطار في رمضان وعند الغروب.. عندما تتحول السيارات إلى رصاصات طائرة تبحث عن الفطور.

- وقت السيول في الرياض.. يحصل ذلك.

- أما لماذا؟! فلأن الناس جربت الرياض مع السيول.. وعرفت.. كيف يتحول سيل الرياض إلى أخبار غير سارة.. وكيف يصبح مشكلة كبرى.. وكيف يعجز الرياض عن تصريف نقطة ماء؟

- ومشكلة الرياض مع السيول.. مشكلة مزمنة.. وليست هناك بادرة أمل في حلها.

- لقد قرأنا ما كُتب في الأسبوع الماضي عن سيول الرياض.. وكيف تحولت المشكلة إلى (تلاوم) بين الجهات المعنية؛ (كلٌّ) يلوم الآخر.. وكلٌّ ينفي التهمة عن نفسه، ويلقي باللوم على الآخر؛ حتى استقرت الكرة في ملعب وزارة المالية التي رفضت تمويل مشاريع تصريف سيول الرياض.

- ووزارة المالية (كالعادة) تلتزم الصمت ولا تقول كلمة واحدة (ولا عندها في أحد)، وعلى المتضرر أن يغرق في السيول.

- المضحك المبكي، و(اللي يفشِّل) أننا ونحن نعايش هذه المشكلة.. نسمع من سائقينا.. البنغال.. والإندونيسيين والفلبينيين.. وهي دول فقيرة.. نسمع منهم أن السماء هناك تنهمر على مدنهم بأمطار وسيول جارفة.. ومع ذلك.. تجف شوارعهم بعد نزول الأمطار بدقائق بسيطة.. ولا يتوقف شيء.. ولا تشل حركة.. ولا يُحجز أحد.. ولا تُغلق الشوارع، ولا يحصل شيء من ذلك.

- والمشكلة الأخرى.. أن (الدفاع المدني) هو الذي يتحمل أخطاء الآخرين.

- هو وأفراده وآلياته وإمكاناته يتحول إلى حالة استنفار قصوى إذا نزل المطر.. لأنه يدرك أن الأمور تحتاج إلى (فزعة).

- والحقيقة التي يجب أن نشير إليها هنا.. أن الدفاع المدني.. كان كل شيء.. وبذلوا كل ما يملكون بل وأغلى ما يملكون.. وهي أرواحهم.. من أجل أهل الرياض.. وهذا.. ليس بغريب عليهم؛ فتضحياتهم وجهودهم ودورهم وإنجازهم معروف.. وهم يملكون سجلاً مشرفاً وحافلاً.

- غير أننا نقول: يجب ألا تمر هذه المشكلة دون مساءلة وعقاب.. وإلا.. فإن المشكلة ستتكرر كل عام.. وكل فترة.. دون أن يكون هناك حل.

- فإذا كان التقصير من وزارة المالية فيجب أن تحاسب على تقصيرها.. وإن كان الخطأ أو التقصير من جهات أخرى.. فيجب أيضاً.. أن تحاسب.. لأن أرواح الناس.. ليست مجالاً للإهمال والتلاعب.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد