Al Jazirah NewsPaper Monday  10/05/2010 G Issue 13738
الأثنين 26 جمادى الأول 1431   العدد  13738
 
هل يُعقل أن يغفل التاريخ مربط الفرس؟
إبراهيم بن موسى الطاسان

 

لهذا المثل قصة تُروى هي أن رجلاً كريماً يدعى ابن بقار كان نائماً في مكان ما، وقد ربط فرسه بجواره، وجاء مَنْ يريد سرقة الفرس؛ فشعر به ابن بقار؛ فقام. وتقول الروايات إنه لم يكن بد من قتل السارق. ومن حينها سمي المكان بمربط الفرس. إلا أنني لا أجد في واقعة القصة ما يدل دلالة معينة على ترديد الناس لهذا المثل حينما يوافق أحدهم مراد الثاني فيقول هذا مربط الفرس، إلا إن كان يعني «هذا هو المراد». إلا أن مربط الفرس الذي استعرت المثل الدارج بوصفه عنوانا له حري بالرعاية والاهتمام؛ كون قصته ساهمت في كتابة التاريخ؛ فقصة مربط الفرس التي سأتناولها قصة تنحى منحى النقيض في تصوير واقع الأزمنة؛ فتلك القصة التي خلدت المثل الدارج كانت تعكس حال زمانها بما فيه من سلب ونهب، وقاتل ومقتول، بينما قصت مربط الفرس هذه كانت نتيجة لسعى كريم نحو سيادة الأمن والأمان؛ فأفضت بحال الناس والزمان إلى أنَّ راعي الغنم لا يخاف إلا من الذئب على غنمه. مربط الفرس هذا تدون قصته روايات كبار السن من أهالي الخبراء (البلدة الواقعة وسط منطقة القصيم). تقول الروايات، ويصدقها الواقع الشاخص على الطبيعة، إن الإمام المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - وهو في طريق ضم المناطق والبلدات إلى سلطانه اتجه بجيشه وراء ابن رشيد، الذي بعد إخضاعه للبكيرية (البلدة الواقعة في الشمال الشرقي بما لا يتجاوز 9 كم من بلدة الخبراء) اتجه صوب الخبراء التي قاومته خمسا وثلاثين ليلة حتى اضطر إلى قلع نخيلها نكاية بأهلها، ودفن آبارها؛ في محاولة من ابن رشيد لدفع أهالي الخبراء على الاستسلام له، إلا أن أمله تبخر بصمود أهل الخبراء، وولى تاركاً الخبراء إلى الشنانة عند أول نبأ بقدوم الملك عبدالعزيز. ومربط الفرس في هذا السرد التاريخي أن الملك عبدالعزيز حينما وصل إلى جوار بلدة الخبراء خيَّم في حمى بلدة الخبراء، ففي منطقة القصيم تعارف الناس على ما كان يسمى بالحمى؛ فلكل بلد حماه، يحميه ويدافع دونه، وفيه يعشبون العشب، وفيه يحتطبون ويرعون دوابهم ومواشيهم.. وكان المكان يسمى عند أهالي الخبراء ب(الظهرة)، فأقام فيه ثلاثاً، وخلالها دخل الخبراء ضيفاً مكرماً على أهالي الخبراء، حيث تناول القهوة عند أميرها آنذاك ابن عويد، وشرف على العشاء ابن صغير، وقد أُحيط جزء من مكان إقامة الملك عبدالعزيز بالظهرة بسور من الحجارة الضخمة التي لا يمكن أن ينقل الحجر الواحد منها أقل من ستة من الرجال الأقوياء، وأُقيم على شكل دائري قطره تقريباً 70 متراً. وتقول روايات كبار السن ممن أنقل عنهم إن السور الحجري كان بارتفاع يتجاوز قامة الرجل الطويل، وإنه أُنشئ أثناء إقامة الملك في ذلك المكان. واختلفت الروايات في الغرض منه، إلا أن الاستقرار - ولله الحمد والمنة - وتوافر المعدات ونشاط حركة البناء أدت إلى أن أصحاب القلابات استسهلوا تكسير الأحجار الظاهرة على سطح الأرض ونقلها للأغراض المختلفة؛ ما آل بالموقع إلى ألا يبقى منه إلا الأساس الظاهر على سطح الأرض من الأحجار الكبيرة التي لا يمكن نقلها إلا بالتكسير. ورغم حرصي شخصياً على ضرورة التأكد من تاريخ هذا الأثر المهم بالطلب من البلدية تسييج المكان إلى أن يقيض الله من يهتم به، إلا أنها لم تفعل، وفعلتُ ما يجب عليّ كمواطن فعله، متوخياً مبادرة فرع الآثار بمنطقة القصيم المسارعة بالوقوف عليه، والتحقق منه.. رغم ذلك لم تأتِ مصلحة الآثار لا من القصيم ولا من سواها ليقولوا رأيهم فيه، وكأن الأمر لديهم أكبر من أن يلتفت إلى مربط أفراس الملك عبدالعزيز.

الخبراء


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد