Al Jazirah NewsPaper Wednesday  12/05/2010 G Issue 13740
الاربعاء 28 جمادى الأول 1431   العدد  13740
 
وعد الملك فأوفى

 

بحجم المأساة جاء القرار؛ فالأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإحالة جميع المتهمين في فاجعة جدة إلى هيئي الرقابة والادعاء جاء متوافقاً مع آمال وطموحات المواطنين، شاملاً لكل جوانب القضية؛ فلم يقتصر الأمر على المحاسبة وتفعيل العدل ليهذب النفوس الضعيفة، وتوجيه آليات القضاء لتقتص للمجتمع من الفاسدين، بل جاء بصورة تكاملية؛ فإضافة إلى الشق العدلي والقضائي والمحاسبي تضمن معالجة عملية للمعوقات ونظاماً للتعامل مع مثل هذه التجاوزات وتقنيناً لعمل الأجهزة والمؤسسات العدلية والخدمية.

فالنهج الذي ثبته الأمر السامي، والذي سيصبح قاعدة قضائية لا تقبل النقض، هو إدراج الفساد المالي ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو.

أيضاً حدد القرار اختصاصات كتّاب العدل والموثقين وطرق محاسبتهم ومعاقبتهم، وتقنين نظام تملك ومنح العقارات لتلافي السلبيات المؤدية إلى التعدي.

كل هذه الإجراءات تأتي مكمِّلة لما اتُّخِذ من خطوات لتطوير أنظمة القضاء والرقابة والمحاسبة وتطوير أنظمة الضبط وأجهزة الرقابة الداخلية.

جميع هذه الإصلاحات احتواها الأمر الملكي، وحركتها كارثة جدة، وعجَّلت بها.. فالدارس والقارئ بإمعان لنهج عبدالله بن عبدالعزيز يعرف تماماً أن كثيراً من الإصلاحات والتعديلات لا بد أن تحرك كثيراً من الأنظمة الراكدة والأسلوب والرتم البطيء لكثير من الأعمال، خاصة في الأجهزة الحكومية، إلا أن الأولويات تفرض تقديم الأهم على المهم؛ فالكوارث تفرض المعالجة السريعة، وهذا ما حققته كارثة جدة التي لم تقتصر معالجتها على إصلاح الأوضاع في جدة (المدينة الاقتصادية المهمة ومدخل الحرمين الشريفين وبوابة الجزيرة على إفريقيا)، بل كانت المعالجة حافزاً لوضع أسس إصلاح الأوضاع والأسباب التي أوجدت كارثة جدة، وأن تكون طريقة معالجة ما حدث في جدة نهجاً تُعالَج عن طريقه العوائق والأخطاء المتراكمة في مدن المملكة الأخرى؛ فإزالة العوائق أمام العبارات والجسور وتحرير مجاري السيول وإعداد وتنفيذ مخطط جديد وشامل لشرق جدة وتحديد أراضي وقف العزيزية لضمان منع التعدي وحصر الشركات والمؤسسات والاستشارين المقصرين.. معالجة تُعدُّ وصفة علاجية لكل ما تواجهه مدن المملكة الكبيرة والصغيرة من قصور ومعوقات وعراقيل؛ ولهذا فإن الأمر الملكي بقدر ما جاء متوافقاً مع ضروريات المحاسبة والقضاء إلا أنه اشتمل على أسس البناء والتنمية والتطوير وتقنين الأنظمة لضمان تحقيق العدالة والتنمية الدائمين؛ ليكون خادم الحرمين الشريفين قد أوفى وأكثر مما كنا وكان المواطنون يتوقعون لوعد قطعه على نفسه بإرساء معايير الحق والعدل، ليس فقط لمعالجة ما حصل في جدة، بل لمنع ما قد يحصل في مدن أخرى.

***



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد