Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/05/2010 G Issue 13743
السبت 01 جمادىالآخرة 1431   العدد  13743
 
رقص الأقحوانة
يوميات الطفولة..(جرندايزر) 1-2
محمد بن يحيى القحطاني

 

نحن الآن في السنة الأولى لحقبة الثمانينات الميلادية، الجو هنا يميل إلى الحرارة في أبها التي توافد إليها المصطافون زرافات ووحداناً حين لم تكن هناك صناعة للسياحة والجموس تملأ شوارع هذه المدينة الحالمة، وأنا لحظتها خارج من مسجد أبيض صغير بناه أهالي الحي ونصل إليه عبر طريق ترابي بانت معالمه دون تمهيد، ونحن اليوم في شهر رمضان.

يجب الآن أن أذهب (ماشياً) إلى سوق الخضار البعيد جداً عن بيتنا لأحضر فقط حزمتين من الكزبرة والبقدونس لزوم (السمبوسة)، ولم يكن قلبي معلّق سوى ب (جرندايزر) ومغامرات الفضاء.

كان هذا المسلسل الياباني الكرتوني المدبلج للعربية عنوان (ترف) لبعض أبناء الحارة الذين تمتلك أسرهم تلفزيونات، وهو كان محط فؤادي (ظهراً) والمشوار إلى السوق طويل جداً، وقيمته لا تتعدي ريالين فقط وأبناء جلدتي قد (هرولوا) إلى بيوتهم، وأصدقكم القول بأن (جرندايزر) هذا كان محطة هامة جداً خاصة وأننا كنا نصحو في رمضان باكراً والجو حار والوقت طويل، ومع ذلك اخطف نصفي الثاني وشقيقي علي وصديق طفولتي حتى اليوم منصور (هو اليوم مدير شرطة) ونتسابق ركضاً (حفاة) في طريق منحدر حتى نصل إلى السوق وننتزع من البائع (ثروة) السمبوسة لأعود مسرعاً كما كنت ولكن هذه المرة في الطريق (صعوداً).

أرمي الكيس وسط الصالة وألقي بجسدي حول (مركى) الوالد- رحمه الله- الذي بقي مع كبار السن عند باب المسجد وهذا المركى من الخشب ولونه أحمر ومطرز بدبابيس ذهبية والويل ثم الويل لم يقترب منه، وأفتح التفاز الذي كان يبدأ بثه في الواحدة ظهراً وأنتظر شارة المسلسل حيث يمضي الوقت متسلحفاً وحبيبنا (جرندايزر) ينتظر دوره بعد حلقات لدروس القرآن الجماعية وعادة ما نصطدم بلوحة (نعتذر لهذا الخلل الطاريء)، ورائحة الطبخ تزكم أنفي وتغريني بشربة ماء في لحظة خلوة بالحمام، وهذا ما كان يحدث.

هذا المسلسل بزعمي أنه كان أكثر مسلسلات رمضان وبرامجه في نسبة المشاهدة (قست ذلك على محيط مدرستي وحارتي فقط فلا لوم علي)، ومع ذلك تحبس أنفاسي حين تقترب الدقائق والثواني من بداية المسلسل، تصطك أسناني وتحبس أنفاسي ويسود الهدوء لحظة بعد لحظة حتى تبدأ لوحة المسلسل وتخضر أرواحنا لأغنية الشارة بصوته الجميل آنذاك (علّي علّي بطل فليد).

... وغداً أواصل معكم



m.alqahtani@al-jazirah.com.sa

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد