Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/05/2010 G Issue 13743
السبت 01 جمادىالآخرة 1431   العدد  13743
 
مدير وقف جامعة الملك عبد العزيز لـ(الجزيرة):
لا بوادر لتحسن مخصصات الوقف.. والقطاع الخاص مساهمته 3% فقط

 

حوار - عبد الله الحصان

أكد المدير التنفيذي للوقف العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز أن الإنفاق على البحث العلمي ما زال محدوداً، مبرراً ذلك بأن القطاع الحكومي هو الممول الرئيس لنظم البحث العلمي بالدول العربية.

وقال الدكتور عصام كوثر في حوار مع الجزيرة إن 80% من مجموع التمويل للأبحاث يأتي من الحكومات في حين لا يتجاوز التمويل من القطاع الخاص 3%، عكس الدول المتقدمة والتي يتجاوز دعم القطاع الخاص للأبحاث العلمية فيها 70%. وشدد كوثر على أهمية زيادة النسب المخصصة من الدخل القومي للبحث العلمي والتطوير بالإضافة إلى زيادة الاهتمام بالباحث وتحسين وضعه المادي ومستوى معيشته... كما تطرق كوثر للعديد من المقترحات والمطالبات في الحوار التالي:

بداية نود أخذ نبذة عن الوقف العلمي بجامعة الملك عبد العزيز، وما الذي تحقق إلى الآن من أبحاث علمية؟ وكم نسبة الأموال المنفقة على هذه الأبحاث والفائدة التي تم جنيها منها؟

انطلق الوقف العلمي بمبادرة من بعض رجال الأعمال بمحافظة جدة ومجموعة من أعضاء هيئة التدريس ثم جرى عرضها على صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة السابق -رحمه الله، والذي قام بتبني فكرة إنشاء الوقف العلمي في اجتماع الدائرة الاقتصادية في إمارة منطقة مكة المكرمة عام 1425هـ. وبهذا كانت جامعة الملك عبد العزيز أول جامعة على مستوى الشرق الأوسط تتبنى وتطرح موضوع الأوقاف العلمية.

كما يُشرف على الوقف العلمي (مجلس نظارة) يضم عدداً من العلماء الأجلاء ورجال الأعمال وأهل الاختصاص، حيث يقوم الوقف باستقبال التبرعات النقدية والعينية من خلال عدة برامج مساهمة متنوعة، حيث يتم استثمارها في مشروعات استثمارية آمنة من خلال (لجنة الاستثمار) التي تضم عدداً من رجال الأعمال البارزين ونخبة من أهل المعرفة والتخصص في مجال إدارة الأموال والاستثمارات.

وبعد تحقيق العوائد الاستثمارية في نهاية السنة المالية، يتم توجيه جزء من العوائد إلى الاستثمار مرة أخرى بغية تنمية رأس مال الوقف، بينما يتم توجيه الجزء الأكبر لتمويل ودعم المشروعات البحثية والدراسات العلمية في مجالات حيوية تخدم البيئة وقضايا المجتمع.

أما بالنسبة للذي تحقق إلى الآن من أبحاث علمية فقد قام الوقف العلمي بفضل الله تعالى بتمويل ودعم العديد من الدراسات والأبحاث العلمية وذلك ضمن إطار (البرنامج السنوي الأول للأبحاث للعام 1429هـ من أهمها:

* ترسيب كهروكيميائي لطبقة مخلوط نانو من أنابيب الكربون متناهية الصغر مع البولي أورثوفيناليين داي أمين على سطح الصلب المقاوم للصدأ.

تقييم التأثيرات السامة لبعض إضافات الغذاء على نمو الأجنة.

* دراسة احتمال وجود تغيرات مرضية في نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي للأبناء الأصحاء لمرضى السكري.

تأثير البوزولان والسماد النيتروجيني في خفض الاستهلاك المائي والإجهاد الرطوبي للتربة بعض أصناف الباذنجان تحت ظروف المناطق الجافة.

قياس رضا المرضى عن جودة الخدمات المقدمة في المستشفيات السعودية باستخدام مقياس الفجوة بين الإدراكات والتوقعات دراسة تطبيقية في المستشفيات في المملكة العربية السعودية.

دراسة عن العنوسة: أسبابها وسبل مواجهتها من وجهة نظر عينة من المواطنين في المجتمع السعودي.

وقد قام الوقف العلمي بإطلاق (البرنامج السنوي الثاني للأبحاث) لعام 1431هـ ودعوة كافة الباحثين في المملكة إلى التقدم بأبحاثهم في مجال الكوراث والأزمات وذلك من كافة النواحي الإدارية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية والطبية والهندسية والشرعية. هذا ويطمح الوقف العلمي في السنوات القريبة القادمة بإذن الله إلى إطلاق برامج تشمل كافة الباحثين والمبتكرين على مستوى العالم حتى نستطيع أن نستفيد من العقول النيّرة وتوظيفها في دراسات وابتكارات تهم بلادنا الغالية بالدرجة الأولى.

كم نسبة الأموال المنفقة على هذه الأبحاث؟

- لا يخفى عليكم فإن جميع الأوقاف الجامعية في العالم تقوم باستثمار الأموال وتصرف من عوائدها وفقاً لمعادلة تحددها الجهات العليا التي تدير ذلك الوقف. وهذا هو الحال بالنسبة للوقف العلمي لدينا ذلك أن اللجنة التنفيذية حددت أن نسبة ما يصرف من العوائد هي 60% أما البقية (40%) فيعاد استثمارها في العامين الأولين ثم يعاد النظر في الأمر بعد ذلك.

ما زال الإنفاق على البحث العملي محدوداً جداً، ما هو السبب في ذلك؟ وما هو السبيل لرفع نسبته قياساً بالناتج المحلي؟ حيث إن النسبة إلى الآن لا تتعدى 0,25 % لدينا قياساً بالناتج الوطني؟

- هناك عدة أسباب وراء ضعف الإنفاق على البحث العلمي نستطيع إجمال أهمها في النقاط التالية:

* يعد القطاع الحكومي الممول الرئيس لنظم البحث العلمي في الدول العربية، حيث يبلغ حوالي 80% من مجموع التمويل المخصص للبحوث والتطوير مقارنة ب3% للقطاع الخاص، و7% من مصادر مختلفة. وذلك على عكس الدول المتقدمة حيث تتراوح حصة القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي ما بين 52% إلى 70% في الدول المتقدمة. وهذا الإسهام الضعيف من قبل القطاع الخاص للمؤسسات البحثية يرجع إلى ضعف تقدير القطاع الخاص لقيمة البحث العلمي وجدواه. إضافة إلى عدم كفاية الميزانيات التي ترصدها المراكز والجامعات ومؤسسات المجتمع للبحث العلمي.

افتقار أغلب المؤسسات العلمية وخاصة الجامعات العربية إلى أجهزة متخصصة في تسويق الأبحاث ونتائجها وفق خطة مدروسة إلى الجهات المستفيدة مما أدى إلى ضعف التعاون. كذلك غياب المؤسسات الاستشارية المختصة بتوظيف نتائج البحث العلمي وتمويله من أجل تحويل تلك النتائج إلى مشروعات اقتصادية مربحة. إضافة إلى ضعف القطاعات الاقتصادية المنتجة واعتمادها على شراء المعرفة.

القصور في نظر بعض فئات المجتمع العربي الى البحث العلمي من حيث أهميته وأولويته في كثير من الأنشطة والمجالات، وربما يتعلق ذلك بالتنشئة الاجتماعية التي أكسبت هؤلاء الأشخاص النظرة السلبية نحو البحث العلمي، وهم غير مدركين لخطورة تدهور البحث العلمي العربي، وأنه أحد أهم أركان النهضة العلمية والاقتصادية لأي دولة في العالم.

ضعف الوعي لدى معظم الشركات السعودية ورجال الأعمال أيضاً بأهمية وقيمة البحوث والدراسات والتطوير وأنها هي الرافد الرئيس بعد الله سبحانه وتعالى والذي سيمكنهم من مواجهة المنافسة الدولية من الشركات العالمية، وهي التي ستمكنهم من التغلغل في الأسواق الدولية ومن الريادة وغيرها من الفوائد. أما النسبة الضئيلة من الشركات والأفراد الذين يعون هذه الأهمية فنجد بكل أسف أن معظمهم يتجه إلى خارج المملكة وينسى أن بلدنا تزخر بكفاءات وخبرات عالمية شهد لها العالم أجمع.

- ما هو السبيل لرفع نسبة الانفاق على البحث العلمي قياساً بالناتج المحلي؟

إقامة وتنمية المبادرات الوقفية العلمية ودعمها ووضع إستراتيجيات داعمة لها بحيث تتلاءم مع إستراتيجية التنمية المتبعة على مستوى الدولة.

* زيادة النسبة المخصصة من الدخل القومي للبحث العلمي والتطوير وجعلها تقارب النسبة المخصصة لهذا الغرض في الدول المتقدمة ووضع معايير عالمية في أساليب اختيار المشروعات البحثية ومتابعة ما تم إنجازه للاستفادة منها فعلياً.

* زيادة الاهتمام بالباحث العربي وتحسين وضعه المادي ومستوى معيشته؛ لكي يتفرغ بشكل كامل للبحث العلمي.

تشجيع القطاع الخاص للمساهمة في دعم وتمويل البحث العلمي وزيادة الاستثمار فيه بسبب دوره الكبير في تحقيق الربح للمؤسسات التي تعتمد عليه.

الاهتمام بخريجي الجامعات، والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم.

الاهتمام بالتأليف وتنشيط الترجمة للأبحاث والمصادر العلمية الأجنبية إلى اللغة العربية، والتعاون مع العلماء العرب في الخارج من أجل تعريب أعمالهم وأبحاثهم.

تقليص هجرة «الأدمغة» أو «العقول» العربية إلى الخارج بتحسين أوضاعهم وتأمين مطالبهم اللازمة لإنجاز بحوثهم في بلدانهم.

- ركزتم على أبحاث تخص الحج والعمرة بشكل أساسي، ما هي الجوانب التي تركزون عليها؟ هل اقتصادية أم تنظيمية؟ وهل طبق شيء منها على أرض الواقع؟

لا لم نركز على أبحاث الحج والعمرة بل إنها جزء من كل، ونظرة واحدة على قائمة المشروعات التي جرى دعمها والتي أشرت إليها عند إجابتي على سؤال واضح تؤكد ذلك.

ما هي الجوانب التي تركزون عليها في أبحاث الحج والعمرة؟

- يقوم الوقف العلمي بتبني قضايا بحثية إستراتيجية حيوية في مجالات تحتاج إليها الأمة بشكل رئيس، من أهم هذه القضايا هي ما يتعلق بالحج والعمرة وكافة المشكلات والمعوقات المتعلقة بها. إن الحج والعمرة رحلة إلى رضوان الله تعالى وواجهة بلدنا الغالي المعطاء فكيف لا نهتم به، وفي الواقع فإن الوقف العلمي يركز على كافة الجوانب التنظيمية والإدارية والصحية والبيئية واللوجستية والهندسية والاقتصادية، لذا لا بد من تناول هذه القضية بشكل شامل نظراً إلى أنها تمثل منظومة مرتبطة ببعضها البعض ولا يمكن علاج جزء دون الآخر وكما تعلمون فإن قيادات المملكة توارثت الاهتمام والعناية بالحرمين الشريفين فمن الطبيعي أن نكون الأذرع المنفذة لهذه الرؤية الحكيمة.

وقد قام الوقف العلمي بإنشاء (مركز المبدعون للدراسات والأبحاث) بالشراكة مع مجموعة من رجال الأعمال الغيورين وهو مركز علمي تطبيقي متخصص يعمل به مجموعة من الباحثين المبدعين بهدف تقديم حلول غير نمطية لمشكلات قائمة والمساهمة في رسم الخطط الإستراتيجية للمشروعات العملاقة والتي تخدم القطاعين العام والخاص.

ومن أبرز هذه المشروعات مشروع سطوح منى المعلقة (مقصد)، وهو مشروع فريد من نوعه للسكن ولغيره من القضايا في منى وهذا ما مكنه من تسجيل العديد من براءات الاختراع. ومن مشروعاتنا الرائدة بإذن الله مشروع التكاملي لشبكة النقل (متن)، ومشروع أقراص الطواف المتحركة (حمد). كما أن المركز مقدم على تنفيذ عدة دراسات إستراتيجية مثل سبل مكافحة الحريق في الأبراج السكنية شديدة الارتفاع.

هل طُبق منها شيء على أرض الواقع؟

- لا لم يطبق منها على أرض الواقع ولكن البعض منها في طريقه إن شاء الله.

هل ما تقدمونه من مكافآت مالية للباحثين إلى الآن يغريهم بالتفرغ للأبحاث أم أنكم تواجهون مشكلة في هذا الجانب؟

- الحقيقة أننا نجتهد ونحاول أن نغريهم ولكننا نعترف بأننا لازلنا ندفع أقل من الجهات العالمية المرموقة نظراً لأننا في بداية المسار وإمكانياتنا ليست بذات القوة، ونسعى إلى زيادة المكافآت حالما تحسنت إيرادات الوقف العلمي سواء من التبرعات أو من عوائد الاستثمارات. ولعلي أضيف هنا أننا لم نكن الرواد في إنشاء الوقف العلمي فقط ولكننا الرواد في البدء في الصرف على دراسات وأبحاث علمية بعد نهاية العام الثاني للوقف، والعناوين المذكورة في إجابتنا للأسئلة السابقة توضح ذلك بجلاء كما أننا الرواد في إنشاء شراكات مع القطاع الخاص في تجربة فريدة على مستوى كامل منطقة الشرق الأوسط.

هل ترون بوادر تحسن لدينا في أحجام المبالغ التي توقف للبحث العلمي؟

- إننا في الوقف العلمي لا نرى بوادر لتحسن في أحجام المبالغ التي توقف للبحث العلمي، بل نشهد نمواً مطرداً في أحجام التبرعات النقدية والعينية لصالح الوقف العلمي ودعم المشروعات والدراسات العلمية، فقد طرحنا عدة برامج مساهمة لمختلف شرائح وفئات المجتمع، وكان آخرها برنامج الاستقطاع الشهري الذي شهد إقبالاً كبيراً من قبل طلاب ومنسوبي الجامعة من أعضاء هيئة التدريس والموظفين. ولعل هذا يدل بجلاء على وعي أبناء المجتمع بأهمية الأوقاف العلمية ودورها الجوهري في تطوير البحث العلمي وتنمية المجتمعات وتقدمها ولكنني أنتهز هذه الفرصة من منبر صحيفتكم المتميزة لأوجه نداء للشركات ورجال الأعمال وأفراد المجتمع كافة بزيادة الاهتمام ودعم هذا العمل المؤسسي والاحترافي كما أدعوهم لتشريفنا بالزيارة للإطلاع عن قرب على تفاصيل هذا الصرح والإجابة على استفساراتهم.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد