Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/05/2010 G Issue 13743
السبت 01 جمادىالآخرة 1431   العدد  13743
 
مفارقات لوجستية
الوقاية من المخدرات
د. حسن عيسى الملا

 

تبذل الدولة ممثلة بوزارة الداخلية جهوداً مكثفة لمكافحة المخدرات، من مراقبة الحدود إلى مطاردة المهربين والمروجين وإعدام مَن يتم إدانتهم من قِبل القضاء.

لم تترك الحكومة سبيلاً وإلا طرقته، بما في ذلك التحري والتقصي بالتعاون مع الدول الأخرى وفي داخل الدول المتهمة بتصدير المخدرات. ولكننا نفتقر إلى معايير القياس لمدى نجاح هذه الجهود في إنهاء أو تقليص أعداد المدمنين، خاصة وأن الصحف تعج يومياً بأخبار إلقاءات القبض وإفشال عمليات تهريب المخدرات التي يتفنن مجرموها في ابتكار أساليب جديدة للتهريب كلما تطورت أساليب كشفها.

سمو الأمير نايف يبذل شخصياً جهوداً مميزة للقضاء على هذه الآفة التي تلتهم مستقبل أبنائنا وبناتنا، وبالتالي مستقبل مواردنا البشرية، ناهيك عن الموارد المالية في التعاطي ومن ثم العلاج في مصحات الأمل. وما دعوة سموه لتأسيس مركز علمي إقليمي مشترك ليتولى تنسيق الجهود بالرصد والتحليل العلمي لهذه الظاهرة القاتلة إلا محاولة جادة خيرة لرفد مكافحتنا المحلية بالتجارب الدولية، إدراكاً منه لأبعاد وتداعيات استشراء هذه الآفة.

المفارقة هنا أن اليد الواحدة لا تصفق وإن كان بمقدورها أن تلطم، بمعنى أن مكافحة تهريب المخدرات لن تنجح بشكل تام طالما وُجد متعاطون يدفعون الملايين للمهربين والمروجين، مما يعني أيضاً أن تقليص عدد المتعاطين سيقضي على سوق تجارة المخدرات. فإذا ما استعرضنا المستهدفين بهذه الآفة لوجدناهم شباب هذا البلد وشاباته، وهم وحدهم القادرون على تجفيف سوق هذه الآفة، إذا ما أشركناهم في المكافحة بعد تبصيرهم بأخطار التعاطي وأساليب المروجين في اصطيادهم وجرهم إلى إهلاك أنفسهم.

لنصنع من هؤلاء المستهدفين اليد الأخرى التي تمكِّن المكافحة من التصفيق، لا عن طريق الوعظ والإرشاد فقط بل بالاشتراك الفعلي في حملات الوقاية، فهو وحده الذي يحصِّن ويزيد الثقة بالنفس لتأتي المكافحة من المستهدفين أنفسهم، فهم يستمعون إلى قرنائهم أكثر مما يستمعون إلى مواعظ الكبار، وينصتون إلى منظمات المجتمع المدني أكثر من إنصاتهم إلى الأجهزة الحكومية.

الجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات هي واحدة من مؤسسات مجتمعنا المدني، وقد أنفقت الكثير من عطايا الخيرين في هذا البلد المعطاء ووصلت إلى المستهدفين، لكنها لم تنجح بإشراكهم فعلياً في أنشطتها لأنها تحتاج إلى دعم الأجهزة الحكومية والمدارس والجامعات والأندية الأدبية والرياضية وأولياء الأمور وكافة مكونات المجتمع المدني خصوصاً أهل الخير والعطاء، وتأصيل العمل التطوعي وترغيب المستهدفين بهذه الآفة بالتطوع في هذا العمل الخيري.

يجمع كل من كتب في فن الإدارة، أن مشاركة المستهدف بالقرار في اتخاذ ذلك القرار هو الضمانة لحسن التنفيذ وتحقيق الهدف.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد