Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/05/2010 G Issue 13743
السبت 01 جمادىالآخرة 1431   العدد  13743
 
عبدالله بن عبدالعزيز.. الملك الصالح
الدكتور محمد أحمد الجوير

 

طالعتنا وسائل الإعلام المختلفة هذه الأيام بأخبار سارة متمثلة بصدور الأمر السامي الكريم الذي يتعلق بفاجعة سيول جدة (أم الرخاء والشدة) كما يحلو لأهلها المحبين، شرائح المجتمع السعودي باختلافها طارت فرحاً بما حمله الأمر الكريم بين طياته من آمال ستخفف بإذن الله الآلام الكارثية التي كانت نتيجة اللامبالاة وعدم الاكتراث بالمسؤولية واللهث وراء الكسب غير المشروع من أولئك الثلة الذين جعلوا بينهم وبين كراسيهم حسباً ونسباً يصعب عليهم قطع حبل المودة معها.

أصداء هذا الأمر الكريم واسعة حملت معاني الصدق والأمانة سطرتها أنامل قائدنا المبارك عبدالله بن عبدالعزيز، كلمات الأمر الكريم تحمل دوياً ورنيناً يوقظ القلوب الميتة، إنه صوت الإنسان صاحب العقيدة الصافية، صوت الحق صوت الرجل الصالح الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، صوت ملك الإنسانية الذي تبدو على وجهه علامات الغضب لله والتأسف جراء المآسي التي طالت مواطنيه في جدة الخير والعطاء، جاءت كلماته حية نابضة بالألم والإحساس بالفجيعة، الأمر الملكي وما حمله من مضامين فيه دلالة قاطعة أن المليك المفدى، لم يذق طعم النوم، قلبه متيقظ لكل صغيرة وكبيرة تنال راحة المواطن والمقيم على تراب هذه الدولة.

تحدث المليك كثيراً عن الأمانة وعظمها متمثلاً قول الباري {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}، واستشعر حفظه الله عظم المسؤولية مما دفعه إلى عدم إخفاء الحقائق وعدم تكميم الأفواه والتلبيس على شعبه الوفي، شعر بحجم الفجيعة الجداوية، وأحس بكل صرخة منكوب ومكلوم. جاء في الأمر الكريم ما نصه (واستصحاباً لجسامة خطب هذه الفاجعة وما خلفته من مآسي لا نزال نستشعر أحداثها المؤلمة وتداعياتها حتى نقف على الحقيقة بكامل تفاصيلها لإيقاع الجزاء الشرعي الرادع على كل من ثبت تورطه أو تقصيره في هذا المصاب المفجع).

هذه الكلمات المجلجلة تنم عن مدى تأثير هذه الفاجعة في نفس ووجدان هذا القائد الصالح، وتعطي مؤشراً قوياً على صدق نواياه وعزمه على اجتثاث الفساد ودواعيه ومسبباته، حقاً وضع النقاط على الحروف رداً لاعتبار كل مظلوم ومنكوب ومكلوم، نبضات قلبه صوت يشعرك بأنه يتقلب على جمر الغضا.

الجميع يشعر بالطمأنينة وهو يسمع كلمات القائد مدوية تطرق أسماع الكبير والصغير، يقول حفظه الله (لا نخشى في الله لومة لائم فعقيدتنا ثم وطننا ومواطنونا أثمن وأعز ما نحافظ عليه ونرعاه جاعلين نصب أعيننا ما يجب علينا من إبراء الذمة أمام الله تعالى بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح انتصاراً لحق الوطن والمواطن وكل مقيم على أرضنا وتخفيفاً من لوعة ذوي الضحايا الأبرياء وتعزيزاً لكرامة الشهداء رحمهم الله بإرساء معايير الحق والعدالة.

كلمات يسجلها التاريخ بمداد الذهب، كلمات غنية عن التعليق مطمئنة لكل مواطن ومقيم، تعطي مؤشراً على حفظ الأمانة وتحقيق العدالة وضبط الأمور بميزان الشريعة وفي الأثر (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).

صوت الحق وصوت العدل صدح به الرجل الصالح المليك المفدى ملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز، وصل صوته لكل أذن مهما نأت أو بعدت، كما أن مضامين الأمر الملكي جاءت حازمة رادعة متوعدة بإدراج جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو والوارد في ضوء التعليمات والأوامر والتنظيمات المتعلقة بمكافحة الفساد، وحتماً سوف لن تقتصر هذه العقوبات على من ضيع الأمانة وباع الضمير في جدة؛ بل سوف تطال كل من تسول له نفسه بإهمال الأمانة الملقاة على عاتقه في كل بقعة من بلادنا الحبيبة.

ويبقى علينا كمواطنين أن نبارك للمليك هذه الخطوات الإصلاحية، ونرجو أن تكون سياجاً قوياً للقضاء على كافة أنواع الفساد، وأخيراً هل ستكون فاجعة جدة وما صاحبها من تتبع وقرارات رادعة، هي الخط الأحمر لإنهاء استشراء عبث الفساد الإداري والمالي وإرساء معايير الحق والعدل؟

أجزم أن قرارات الأمر الملكي والعقوبات المرتقبة ستردع من يفكر مجرد تفكير باستغلال مقدرات الوطن لإشباع نزواته، ولن يتمكن هؤلاء المفسدون والعابثون هنا وهناك من مد أياديهم القذرة، وبمعنى آخر هذه القرارات الملكية ستبقى صافرات إنذار معلنة الحرب بلا هوادة على منابع الفساد في مملكتنا الفتية.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد