Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/05/2010 G Issue 13743
السبت 01 جمادىالآخرة 1431   العدد  13743
 

اثنينية عبدالمقصود خوجة
مصطفى محمد كتوعه

 

بدأت هذه الاثنينية بداية من عام 1403هـ هجرية، للاحتفال بجميع العلماء والمبدعين وخاصة في الشعر والأدب والقصص. ومن أهداف هذه الاثنينية تنشيط الحوار الثقافي والأدبي بين مجموعة متجانسة من الأدباء والعلماء في رؤيتها الفكرية، وتشجيع الإبداع والإنتاج الأدبي، وصقل موهبة الشعراء والأدباء عن طريق المساجلات والمطارحات الأدبية، وتتبع الاحتياجات الفكرية والأدبية الجديدة الصادرة عن دور النشر وتعهدها بالتعريف والنقد عن طريق العرض والمناقشة.

وها هي الاثنينية في عامها الثامن والعشرين تحتفي بأدبائها وكتابها كل يوم اثنين من كل أسبوع في جدة، وما أدراك ما جدة، بيع وشراء، أسواق وسياحة، وتجارة وجنسيات مختلفة تأتي طوال العام لتعتمر وتحج بيت الله الحرام، ومع ذلك لم تنشغل هذه المدينة الجميلة عن الكتاب والشعراء. ويقول صاحب الاثنينية الشيخ عبدالمقصود محمد سعيد خوجه، عندما فكر في إنشاء هذه الاثنينية التي استمدها من والده: كان التواصل بين البشر ولا يزال يمثل المحرض الأساسي للتطور والنمو، وعبر تاريخه الطويل لم يترك الإنسان في سعيه الدؤوب للتواصل وسيلة إلا اتخذها جسراً نحو الآخر، فظل يصرخ ويرسم ويعطي إشارات بيديه، ويرقص بجسده، إلى أن هداه الله سبحانه وتعالى إلى الكلمة، فوجد فيها ضالته المنشودة، كيف لا وقد جعلها الحق سبحانه وتعالى مفتاحاً للتعارف بين الناس {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}. وهكذا تفنن البشر في صياغة الكلمة شعراً ونثراً بكل لغات الدنيا. وتشكلت العديد من الروافد لإثراء الثقافة والحوار بين مختلف الأمم والشعوب والحضارات، وجاءت المنتديات الأدبية كواحد من هذه الروافد، تظهر تارة وتختفي أخرى حسب توفر المناخ الملائم لنموها وازدهارها، وكثيراً ما تتضافر جهود بعض المثقفين الذين شغلت الكلمة حيزاً كبيراً من فكرهم ووقتهم فتنبت تلك المنتديات أجمل الأشجار المثقلة بثمار العلم والأدب والشعر والفكر. وفي هذا الإطار قامت (الاثنينية) ترجمة لما يعمل في نفسي تجاه الحركة الأدبية والثقافية عامة وبصفة خاصة في المملكة العربية السعودية، وبدأت كمنتدى أدبي للاحتفاء ببعض رموز الشعر والأدب والفكر منذ عام 1403هـ - 1982م، كما استمدت جذورها من حفلات التكريم التي كان يقيمها والدي -رحمه الله- على ضفاف مواسم الحج لكبار الأدباء والشعراء والعلماء الذين يأتون ضمن وفود بلادهم لأداء مناسك الحج.. واستمر خط (الاثنينية) البياني في التصاعد لتكريم أصحاب الفضل الذين أثروا الساحة الأدبية بعطائهم، باعتبار أن الكلمة ليس لها وطن، والإبداع ملك للجميع.. وبالتالي توسعة دائرة اهتماماتها لتشمل رجالات الأدب والثقافة والعلم الفكر وغيرهم من المبدعين من مختلف أنحاء العالم العربي.

وللاستفادة القصوى من هذه اللقاءات، تم تفريغها ومراجعتها ثم طباعتها في سلسلة أصبحت بمرور الوقت موسوعة - من نوع ما- تسهم بجهد المقل في الحركة الثقافية والأدبية، وتحفظ للأجيال القادمة نماذج من أدبنا المعاصر. ولعل أجمل ما في هذه الإصدارات أنها وثقت مسيرة أصحابها مباشرة من أفواههم، مما يعطيها ميزة رفيعة بين وصيفاتها من الكتب التي تعنى بالتراجم، وقد صدر كثيراً من هذه المجلدات التي أثرت المكتبات.

ويواصل الشيخ الحديث عن الاثنينية قائلاً: إن تجاوب المتلقي مع هذا العمل شد عزمي للمضي في توسيع دائرة الاستفادة منه ليطل عليكم من خلال شبكة الإنترنت، وسوف يستمر في النمو بإذن الله، مضيفاً فعاليات كل موسم اثنينية إلى جانب ما يصدر من كتب تحت مظلة (كتاب الاثنينية). آملاً أن يحوز هذا العمل على رضاكم، وأن تجدوا فيه المزيد من الفائدة والمتعة».. إلى هنا انتهى كلام الشيخ عبدالمقصود خوجه.

وكان أول المكرمين في الاثنينية رائد الصحافة السعودية عبدالقدوس الانصاري، وتوالى بعده المكرمون من كل أنحاء الوطن العربي والإسلامي، ومن أبرزهم الداعية المعروف أحمد ديدات من جنوب إفريقيا والشاعر المصري فاروق جويده، والروائي السعودي أحمد أبو دهمان.. وتاريخ هذه العائلة لسلسلة ذهبية معروفة كالشمس والقمر والنجوم، فجده عبدالمقصود خوجه قد تلقى تعليمه بالأزهر الشريف، وأصبح عالماً أزهرياً واكتسب من مهنة التدريس لقب (خوجه افندي)، وهذا اللفظ أصل معناه سيد، وبالفارسية (خواجه)، وفي التركية (خوجه) أي بمعنى أستاذ، واستعمال هذا اللقب مشاع في بلدان كثيرة، وأتى الجد عبدالمقصود من مصر وقد أصبح عالماً أزهرياً، وصل إلى جدة فوجد التعليم كله تركياً ومتأثراً بالخلافة العثمانية، فكانوا من الذين طالبوا بأن يكون التعليم باللغة العربية حتى لا تتأثر المملكة باللغة التركية ومخالفة جيرانها من الدول العربية.

أما والده محمد سعيد خوجه فكان أديباً تخرج من مدرسة الفلاح التي كانت تحفل بأساتذة أجلاء وطلاب علم نجباء، وكان مديراً لجريدة أم القرى ومطبعتها، فامتد ارتباطه بها ووهبها كل حياته وسعى إلى تطويرها حتى غدت ميداناً واسعاً يشتعل بالحركة والعطاء في مجال فن الطباعة، وهو صاحب كتاب الغربال وكان أحد رواد الأدب في المملكة.

أما الشيخ عبدالمقصود خوجه صاحب الاثنينية فقد وُلد في مكة المكرمة، وتلقى تعليمه الابتدائي وجزءاً من الثانوية في مدارس الفلاح، وأكمل تعليمه في المعهد العربي الإسلامي بدمشق، وعمل مندوباً من الديوان الملكي لدى المفوضية السعودية في بيروت، وعمل مديراً للمكتب الخاص ومديراً للإدارة العامة للصحافة والإذاعة والنشر في جدة. طلب التقاعد الاختياري من العمل الحكومي واتجه إلى الأعمال الحرة، حيث أسس عدة شركات في مجال أعمال البناء والمقاولات والصناعة، ولديه مشاركة فعالة في عدد من الأندية الثقافية والرياضية والجمعيات الخيرية وغيرها من النشاطات العلمية. هذه هي أعمال وأفعال رجل محب للأدب والشعر وتاريخ أسرة أثرت في هذا المجال بالمملكة، وكما قال الشاعر:

يا سيدي والقول فيك رواية

كتبت عظيم فصولها الأفعال

إن كنت أخفيت المكارم زاهدا

فلها لسان فاضح ومقال

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد