Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/05/2010 G Issue 13743
السبت 01 جمادىالآخرة 1431   العدد  13743
 
مستقبل العراق الجديد يدور في فلكه الإقليمي!
عبدالإله بن سعود المنصور السعدون

 

المطبخ السياسي العراقي يشهد حركة مستمرة وبأيدٍ من دول الجوار المختلفة لإنهاء «طبخة» الوزارة الجديدة فكثرت الأفواج المتجهة من بغداد إلى طهران ليتزودوا بالزيت والبهار الإيراني وتلقي النصائح والتوجيهات لحركة الكتل والائتلافات السياسية التي تدور بفلك إيران وتزامن مع هذا الحراك اللاهث، توجهات لكتل أخرى نحو الجوار العربي لتعرض تطورات الجهود السياسية لتشكيل الوزارة وعادوا ومعهم قوة الدعم السياسي العربي متمثلة بالطاقة التي تحضر «الطبخة» على نار هادئة لتقديمها للشعب العراقي الجائع للأمن والاستقرار والإعمار!

الدستور العراقي بمادته «76» أعطى الحق الدستوري كاستحقاق انتخابي للكتلة الفائزة بالمقاعد النيابية الأعلى بالحق في تشكيل الوزارة الجديدة إلا أن الكتل الأخرى «ائتلاف دولة القانون الثانية بالترتيب الانتخابي والائتلاف الوطني العراقي الذي جاء ثالثاً» حاولا حجب هذا الحق الدستوري عن القائمة العراقية بإتلافهما بتكتل جديد يجمع أعلى المقاعد النيابية رقماً إلا أن هذا «الاندماج» جائز قبل الانتخابات وبرقم كتلة انتخابية مشترك أما بعد الانتخابات فلا يعتبر تكتلهما هذا استحقاقا انتخابيا وتبقى العراقية الكتلة الفائزة بالمرتبة الأولى ويحق لزعيمها الدكتور إياد علاوي تشكيل الوزارة الجديدة!

عُرضتَ عدة سيناريوهات سياسية لتعاون ائتلافي لغرض الوصول للشكل الأمثل لصيغة الوزارة الجديدة والتي تصطدم بشخصية رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة. فالرئيس الحالي نوري المالكي يعرض نفسه مرشحاً وحيداً لائتلاف دولة القانون التي يترأسها مدعوماً برغبة الائتلاف الوطني العراقي بترشيح شخصيات أخرى من ضمن قيادته لمنافسه المالكي ويتم اختيار مرشح التكتلين بآلية انتخابية يتفق عليها وقد أعلنت كتلة الأحرار الصدرية بتصريحات قياداتها عدم رغبتهم في تأييد إعادة المالكي رئيساً للوزراء لعدم ثقتهم بشخصيته وتنكره لوعوده معهم وملء السجون الخاصة بمؤيديهم علاوة على اتهام عهده بالفساد الإداري والمالي.

وعرضوا للمسرح السياسي شخصية الدكتور إبراهيم الجعفري كمنافس للمالكي!

واتجهت الكتلة العراقية بجهود مستمرة لإقناع ائتلاف دولة القانون بالمشاركة في تأليف الوزارة الجديدة برئاسة علاوي ومشاركة المالكي بأحد المناصب السيادية «رئيساً للجمهورية أو رئيساً لمجلس النواب» ويبذل المفكر العربي حسن العلوي جهوداً مكوكية مضنية للوصول إلى اتفاق بين الكتلتين الأقوى ويتوج بلقاء سياسي منتج بين الزعيمين العراقيين المالكي وعلاوي.

المالكي يدرك أن الائتلاف بين كتلته والائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم والصدريين سينهي زعامته السياسية ويخشى من تهميشه شخصياً لعدم ثقته بالصدريين ويدرك تماماً أنهم سوف ينبشون ملفات عهده ومحاسبة أنصاره ومستشاريه عن جرائم الفساد الإداري والمالي وقد تطوله هذه المساءلة القانونية بشرارها! واستمع مؤخراً إلى نصائح إقليمية لمصلحته التعاون مع علاوي وتقاسم الحقائب الوزارية كوجود سياسي عراقي جديد يتسلح بأغلبية برلمانية تصل لأكثر من - 180 - مقعداً تحقق لهم الاستحواذ على المناصب القيادية الثلاثة وتضمن للمالكي أحد هذه الكراسي المحصنة في الوزارة الجديدة. وهناك بوادر إيجابيات في لقاء مرتقب قريباً يجمع علاوي والمالكي للتوقيع على اتفاق الوزارة الائتلافية الجديدة وسيدعى التحالف الكردستاني للمشاركة في «بعض» الحقائب الوزارية وبسقف مطالب منخفض جداً لشعور الأكراد بأنهم بهذا التحالف القوي سقطوا كرقم صعب في التشكيلية الوزارية وتحولوا إلى عنصر مكمل للتشكيلية الوزارية بمشاركة وطنية بعيدة عن أهدافهم السياسية.

ولو تم هذا الاتفاق الذي ينتظره الشعب العراقي القلق ليشهد ولادة وزارة قوية يشكل فيها التوجه العربي العمود الفقري لتكوينها ويمهد لها الطريق نحو العودة إلى تعاون عربي ويدعم هذا التوجه حسن جوار إقليمي يعطي لها غطاءً من القوة والاحترام في مجالها الإقليمي والدولي ويحقق مناخاً جديداً في المصالحة الوطنية وتدفن وبصورة نهائية للطائفية والمذهبية والعرقية وتتوثق الوحدة الوطنية المهددة حالياً بدعوات داخلية للتقسيم الثلاثي شمالاً إقليم كردستان ووسطاً مجتمعاً سنياً وفي الجنوب إقليمياً شيعياً ولكن الوعي الوطني العالي لأبناء الشعب العراقي أوقف نشاط كل هذه المحاولات المعادية للمواطنة العراقية وأصبح شعار العراق الموحد مشمولاً كهدف رئيسي في البرامج المستقبلية للتكتل السياسي على اختلاف أيدلوجياتها وأفكارها الحزبية وتشكل دول الجوار العربي ثقلاً في ترسيخ وحدة العراق الوطنية.

المستقبل القريب يبشر بحلول سياسية إيجابية تفرج الشعب العراقي الجريح الذي عاش حالة من القلق والخوف والحرمان من أبسط أنواع الخدمات العامة حتى أن السجون الرسمية والخاصة أصبحت أكثر من المدارس والمستشفيات! وذل الاحتلال نال كرامة كل مواطن عراقي على اختلاف مكوناته من شماله إلى جنوبه. تنتظر الوزارة الجديدة «إن تشكلت» ملفات صعبة كثيرة أولها الملف الأمني وآخرها ملف التخلص من قيد رهن الوطن في الفصل السابع من القرار الأممي. ليعود العراق إلى أمته العربية مستقلاً مزدهراً متمتعاً شعبه بثرواته الوطنية!



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد