Al Jazirah NewsPaper Sunday  16/05/2010 G Issue 13744
الأحد 02 جمادىالآخرة 1431   العدد  13744
 
تمكين الأمانات من إزالة المباني المخالفة
اقتصاديون: مطلوب إنشاء هيئة عامة للمشاريع والرفع من مستوى التنسيق بين الأجهزة

 

الجزيرة - شالح الظفيري

طالب اقتصاديون بإيجاد حلول دائمة لإنهاء مشكلة الجودة في تنفيذ المشاريع الحكومية والتي برزت إثر السيول التي واجهت مدينتي جدة والرياض مؤخرا وكانت سببا للّوم المتبادل بين الأمانات ووزارة المالية.

ويرى الدكتور عبدالعزيز داغستاني عضو مجلس الشورى السابق أن تجاوز حدود اللوم يبدأ بأن تتغير طريقة العلاقة بين الأجهزة الحكومية وفق أساليب مهنية واضحة بمعنى أن وزارة المالية يتجاوز دورها كوزارة خزانه وذلك بأن يكون وضع الميزانية والمشاريع الموجودة فيها وفق الأولويات التي يتم تحديدها بناء على المصلحة العامة وتوزيع موارد الدولة بين مناطق المملكة بشكل يؤدي إلى تحقيق تنمية شاملة، وما ذكرته أمانة مدينة الرياض في أزمة السيول الأخيرة أن 70% من الرياض غير مغطى بشبكات تصريف فهذا خلل تشترك فيه وزارة المالية والأمانة فلماذا لم ترصد اعتمادات كافية لمدينة هي عاصمة المملكة وينقصها خدمات حيوية مثل تصريف السيول إضافة إلى أنه يجب أن تكون عند الأمانة ثقافة الأولويات بناء على المصلحة العامة للمدينة بالإضافة إلى ضرورة اتباع معايير رقابية صارمة عند تنفيذ المشاريع.

من جهة أخرى يرى الدكتور عبدالرحمن السلطان أن أساس مشاكل تصريف السيول بالمدن في المملكة سببه عدم مراعاة استخدام طبيعة الارض نفسها للمساهمة في التصريف من خلال إزاله المناطق المرتفعة ودفن الأودية حيث أصبحت مشكله تصريف السيول متفاقمة أكثر مما لو تمت المحافظة على الطبيعة الديموغرافية للمدن لساعدت المسارب الطبيعية للمياه في حل المشكلة، وأعتقد أننا فاقمنا المشكلة بالأخطاء التخطيطية في المدن وبالتالي الحاجة إلى تصريف السيول فهذا يجعل الإنفاق أكبر على مشاريع التصريف في اعتبار أن حالات هطول الأمطار متقطعة بحيث تمر عدة سنوات لا تحدث مشكله فبالنسبة للجهات التنفيذية مثل البلديات أو غيرها أو وزارة المالية أن يكون لديها أولويات بحيث لا يتأجل الصرف على مشاريع تصريف الأمطار مما يسهم بحدوث هذه الكوارث من وقت لآخر وأرى أن هناك جانبين مهمين فليست فقط هي قلة الاعتمادات المالية بقدر ماهي أخطاء تخطيطه وسوء تنفيذ لتلك المشاريع من الجهات التنفيذية إضافة إلى التجاوزات والأخطاء والتقصير فيما نفذ من مشاريع.

وعن اللوم المتبادل بين الأمانات ووزارة المالية يرى السلطان أن الحل بدلا من اللوم يأتي من جميع الجوانب فيرى أن هناك مشكلة قائمة الآن فيجب أن يتم التعامل معها كمشكله وبالتالي توفر الاعتمادات المالية لتأمين تصريف الأمطار في أي منطقة ولكن هناك جانب آخر للحل فلا بد من إعادة عملية تخطيط الأحياء فلا زالت المباني تنشأ في مناطق منخفضة وممرات سيول مما يجعلها عرضة لما شاهدناه في السيول الأخيرة لأنه لاتوجد إجراءات واضحة ومحددة وملزمة في عدم البناء في الأودية رغم أن هناك قرارا من المقام السامي فيما يتعلق بمشكلة جدة والتوجيه بعدم البناء في الأودية يجب أن يكون قرارا شاملا بجميع المدن مع تمكين الأمانات لتنفيذ أي قرار إزالة للمباني المخالفة بقوة النظام ولكن بسبب مشكلة قد تخرج مرة كل خمس سنوات سوف ننفق المليارات لإصلاح أخطاء يمكن تفاديها بكل سهولة لو كان هناك تخطيط سليم للمدن. إلى ذلك يرى الدكتور سليمان العريني أن ما صاحب مشاكل تصريف السيول في مدينة جدة قبل تقريباً (6) أشهر من تبادل للاتهامات واللوم بين عدد من القطاعات الحكومية مثل أمانات المدن ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة المياه والكهرباء ووزارة النقل ووزارة المالية وغيرها، نراه من جديد بين نفس الجهات لما حصل من مشاكل عند تعرض مدينة الرياض للسيول خلال الأيام القليلة الماضية، والنتيجة أننا ما زلنا لم نتعلم الدرس جيداً، وخصوصاً مع تنامي ظاهرة لوم وزارة المالية في عدم توفير مبالغ كافية، وكأن البعض يريد أن يختزل المشكلة والمسؤولية في وزارة المالية.

فعلى مدى العقود السابقة وما زالت، تعمل جميع الجهات الحكومية وفي جميع المدن بشكل منعزل ودون وجود جهود تنسيقية وتكامل مع الجهات الحكومية الأخرى. فأصبح من الطبيعي أن تتعاقب عدد من الجهات الخدمية الحكومية على كل حي وكل شارع لتقديم خدماتها المختلفة من مياه وتصريف صحي وكهرباء واتصالات وتصريف سيول وغيرها، إضافة إلى تكاليف الصيانة والتشغيل، مكلفة الدولة عشرات الأضعاف من التكاليف المالية غير المبررة. وكلنا نرى كيف يتم تنفيذ أو صيانة خدمات الكهرباء في شارع معين من خلال أعمال الحفر والصيانة والدفن وتعطيل الحركة والإزعاج للمارة والسكان، ثم بعد أيام، نرى نفس الشارع يتعرض لهجوم آخر من جهة حكومية أخرى لتنفيذ أو صيانة خدمات أخرى دون النظر في أي اعتبارات سواءً زيادة التكاليف على الدولة أو مضايقة السكان والمارة أو تعطيل الحركة وغيرها. والملاحظ بشكل عام تكرار المشاكل، مما يؤكد بأننا لم نقم بتشخيص وقبول للمشكلة بشكل صحيح ومستقل.

وفي نظرنا فإن جميع الجهات الحكومية مسؤولة عن جميع ما يحدث من مشاكل في مشاريع الخدمات المختلفة، ولكن بدرجات متفاوتة، ناهيك عن تشتت الصلاحيات والمسؤوليات فيما يخص تخطيط وإدارة مشاريع البنية التحتية في المملكة بين وزارة المالية والوزارات الأخرى، مما يصعب من العملية المحاسبية. وحتى نحل مشاكل مشاريع البنية التحتية في المملكة ومنها مشكلة تصريف السيول وغيرها، يجب أولاً تحليل وتشخيص المشكلة، ثم قبول التشخيص والواقع من قبل القطاعات الحكومية المختلفة، يلي ذلك إعادة النظر في سياسات وإجراءات العمل الخاصة بتخطيط واعتماد وتنفيذ المشاريع وتعديلها بما يخدم الأهداف الاستراتيجية للدولة. ونرى أن الحل الاستراتيجي يتمثل في العمل على مسارين، الأول قصير الأجل من خلال إعادة هندسة سياسات وإجراءات تنفيذ المشاريع بغرض تسريعها ورفع جودتها، والثاني طويل الأجل من خلال إنشاء هيئة عامة للمشاريع تعنى بمساعدة أجهزة الدولة المختلفة في تخطيط وتنفيذ مشاريع البنية التحتية بحيث يتركز عملها في المساعدة في التخطيط والإشراف وضمان جودة المشاريع. ودون العمل على هذين المسارين، سوف تستمر وبشكل متسارع وأكبر مشاكل المشاريع، مسببة ضغطاً واستنزافا لميزانية الدولة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد