الدار البيضاء - منيف خضير :
صرح إسلامي
كل المغاربة بلا استثناء يتفاخرون بهذه التحفة الإسلامية التي تعكس ضلوع بلاد المغرب العربي عموماً في فن الحضارة الإسلامية..
جامع الملك الحسن الثاني (ملك المغرب الراحل) الذي قرر في أواسط الثمانينات من القرن الماضي الشروع ببناء ثاني أكبر مسجد في العالم بمنارة تُعد الأعلى ارتفاعاً في العالم (210م). وقد توقف في كلمته التاريخية مطلع عام 1986 عند الأسباب التي دفعته لتشييد هذا الصرح الإسلامي العظيم قائلاً: (أريد أن يشيد على حافة البحر صرح عظيم لعبادة الله، مسجد تهدي مئذنته جميع السفن القادمة من الغرب إلى طريق الخلاص، الذي هو طريق الله.. أريد أن أبني المسجد على الماء، كما أردت أن يكون المصلي فيه والداعي والذاكر والشاكر والراكع والساجد محمولاً على الأرض، ولكنه أينما نظر يجد سماء ربه وبحر ربه).
(الجزيرة) تزور الجامع
في الطريق إلى المسجد يأخذك منظره المهيب ولا تعرف أنك تمشي فوق نفق يجاور البحر، ثم تصل إلى الجامع الذي يتربع على الماء، والذي شيده أكثر من (35000) عامل، متخصصين في شتى المهن والحرف المعمارية، وأشرف عليه (90) مهندساً أغلبهم من المغرب، وبعضهم أجانب. وكان هؤلاء المهندسون والعمال والحرفيون يواصلون الليل بالنهار طوال أيام الأسبوع. وقد استغرق العمل لإنجاز هذه التحفة المعمارية سبع سنوات متتالية. أبرز المعالم الأساسية لهذا المسجد أن الناظر إليه من جهة المحيط الأطلسي يرى المسجد وكأنه سفينة عملاقة عائمة على المياه، ولكن ما إن يقترب منها حتى يكتشف عظمته، حيث تتبدى الأبواب التسعة الكبيرة التي تعلوها نوافذ مزججة، أما المدخل الرئيس للجامع فيقع في الواجهة الجنوبية للمسجد والتي تبدأ من البوابة الرئيسية، وتمتد لمسافة طويلة قبل أن تصل إلى الهيكل الأساسي للجامع الذي يحتضن مئذنته الشهيرة، والأبواب المهيبة اللافتة للانتباه، والتي تذكرنا بالمنارات المغربية المميزة بشكلها المربع، والتي تختلف عن المنارات المستديرة.
تحفة فنية من الداخل
ما إن تدخل الجامع حتى ترفع رأسك للأعلى مأخوذاً بفن العمارة الإسلامي، ومن الغرائب في المسجد أن سقف المسجد، والذي تتعدى مساحته 340 متراً، متحرك، وينزاح بمجمله في غضون ثلاث دقائق. تستوعب قاعة الصلاة الداخلية (25.000) مصلٍ، بينما يستوعب المُصلى الداخلي، والمساحة غير المغطاة، والمخصصة للصلاة أيضاً خارج مبنى المسجد، فإن عدد المصلين يمكن أن يتجاوز الـ(105.000) مصلٍ، باختصار إنك أمام عظمة الخالق سبحانه فإذا رفعت رأسك وجدت السماء وإذا سجدت شاهدت مياه المحيط الأطلسي بزرقته الساحرة.
أعلى منارة في العالم
تبلغ المساحة الإجمالية التي شُيدت عليها هذه المئذنة العملاقة (625) متراً مربعاً، إذ يبلغ طول الضلع الواحد (25م). وتنتهي المئذنة بجامور طوله (15م) ووزنه ثلاثة أطنان، ويطلق هذا الجامور الضخم أشعة ليزر لكي يحدد اتجاه القِبلة، ويمكن مشاهدته من مسافة بعيدة. ضمن هذه المساحة الكبيرة التي بُني عليها المسجد، هناك مدرسة قرآنية تقع تحت أجزاء محددة من أرضية المسجد، وتتولى هذه المدرسة تدريس أصول الدين الإسلامي، وفيها مكتبة غنية جداً بمراجعها، ومصادرها النادرة، وهناك قاعات للندوات والمحاضرات مجهزة بأحدث الوسائل والتقنيات الحديثة.
وقد جُمعت تكاليف بناء هذا المسجد والتي بلغت أكثر من خمسة مليارات درهم مغربي من تبرعات المواطنين المغاربة الذين يستقبلونك بابتسامة ويودعونك بمثلها عند قدومك إلى مسجد الحسن الثاني في مدينة الدار البيضاء.