Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/05/2010 G Issue 13751
الأحد 09 جمادىالآخرة 1431   العدد  13751
 
من علماء الرس والقنفذة في العُرْضِيَّة
الشيخ منصور الضلعان.. والقاضي عيسى الحازمي
عبدالهادي بن مجنِّي

 

لم تكن العُرْضِيَّة أثناء انضمامها تحت راية الإمام المؤسس تضم محكمة شرعية إذ كان الأهالي يقطعون الفيافي والقفار للوصول إلى محكمة القنفذة، ويعيد إليّ البحث عن بندر القنفذة أو البحث عن أحد علمائها أو قضاتها ذاكرة الطفولة وأول مشهد لها حينما رأيتها ذات صباح، وهي إذ ذاك لم تكن قد اكتملت إليها يد التنمية وفي مكان ليس بالبعيد مني جنوباً في برك الغماد تعود بي الذاكرة أيضاً إلى أحد أسلافنا حينما حاول محاولة جادة أن يطبق الأمن في زمن ضياع الأمن هناك قبل ضمها للإمام الراحل الملك عبدالعزيز، هذا ما خطر في الذاكرة أما بالنسبة لإنشاء محكمة للعرضية فإنه نظراً للبعد المكاني جاء الأمر بإنشاء محكمة تضم العُرْضِيَّة الشمالية والعُرْضِيَّة والجنوبية يكون مقرها قرية ثريبان كان ذلك في عام 1369هـ، أما أول قاض لها فهو الشيخ منصور بن صالح الضلعان إذ صدر الأمر بتعيينه قاضيا دون رغبة منه في السفر والقضاء واستمر بها زمناً وكان منزله مقرا للقضاء ومفتوحا للمراجعين في كل الأوقات. وقد ولد الشيخ منصور في عام 1330هـ في مدينة الرس بالقصيم وحرص والده على إدخاله للكتاتيب عندما بلغ سن السادسة وقد قرأ القرآن على أيدي مشايخ كثر نذكر منهم الشيخ محمد بن ناصر بن خالد الرشيد الذي كان يقوم بتدريس طلابه عند غيابه نيابة عنه، والشيخ محمد بن ناصر الحناكي، والشيخ عبدالرحمن بن رشيد وأخيه محمد، حاز الشيخ منصور على علم كثير فقد درس على يد الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن رشيد التوحيد والحديث والفقه، ثم درس الفرائض واللغة على يد الشيخ عمر بن خليفة بن جري، ثم أكب على كتب المراجع مثل: كتب فقهاء الحنابلة ابن القيم وابن تيمية حتى نبغ واشتهر وتبحر في العلم وذاع صيته بين الناس، ويعد الشيخ منصور من أوائل المعلمين بالمدرسة السعودية بالرس، وقد أصيب- رحمه الله- في آخر أيامه بحمى شديدة أقعدته ولم يكن في مناطق الجوار القريبة منه طبيب كي يعالجه ازداد على الشيخ المرض وانتقل للرفيق الأعلى على إثر ذلك في يوم الأحد الموافق 15-3-1385هـ، فجاء خلفاً له في محكمة العُرْضِيَّة الشيخ عيسى بن علي الحازمي ولا بد من التوقف عند هذا العالم الجليل- رحمه الله- هو الشيخ عيسى بن علي بن محمد الحازمي الحسني، ولد في قرية صلهبة في جازان وتاريخ ولادته كان في 16-12-1344هـ، عاش حياته يتيم الأبوين ماتت أمه وهو لم يزل رضيعاً توفي والده وهو ابن السادسة، أما طلبه للعلم فبدأ عندما التحق- رحمه الله- بالكتاتيب في القرية التي ولد فيها، وأكمل حفظه القرآن في سن العاشرة من عمره، وعند بلوغه سن السابعة عشرة سافر في طلب العلم إلى صنعاء ومكث هناك قرابة العشر سنوات درس خلالها علوم اللغة وعلوم الشريعة بفروعها وذلك على أيدي علماء أجلاء من علماء اليمن، وعند عودته إلى هذه البلاد في عام 1369هـ وهو نفس العام الذي تعين فيه سلفه قاضياً للعرضية ونظراً لحضوره لمجلس رئيس محاكم القنفذة آنذاك الشيخ إبراهيم الحديثي فقد أعجب بفقه الشيخ عيسى فأصبح يطلبه في مجالس القضاء وتم تعيين الشيخ عيسى قاضياً إلا أنه اعتذر عنه لميله للتدريس وفي عام 1371هـ عين معلماً في مدرسة القنفذة، وعند زيارة مسئول القضاء والتعليم الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ للقنفذة عام 1374هـ تفاجأ به يدرّس إذ كان يظنه قاضياً هناك فألزمه بالقضاء وتم توجيهه إلى محكمة العُرْضِيَّه واستمر بها قاضياً حتى عام 1384هـ حيث عين رئيساً لمحاكم القنفذة، وفي سنة 1399هـ تم رفعه إلى قاضي تمييز إلا أنه استثني بالبقاء في رئاسة محاكم القنفذة، من أعمال الشيخ عيسى- رحمه الله- أن تبنى جماعات تحفيظ القرآن الكريم بالقنفذة وسعى في تأسيس الجمعية الخيرية بها، وقد سجلت شهادة أحد طلابه وهو الأستاذ الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي يقول عنه كان الشيخ عيسى الحازمي من أميز القضاة الذين عرفتهم علماً وفقهاً، ومن أكثرهم معرفة بعادات المجتمع وتقاليده، وبأنظمة الحرث، وأساليب الزراعة والري في المحافظة. وهذا ما مكنه من النجاح في مختلف القضايا والدعاوى التي باشرها وحكم فيها لأن معظم الدعاوى في زمانه كانت حول الأراضي الزراعية الطينية، وما كان يقع بين مالكيها من الاختلاف على المساقي، وعلى حصص المتجاورين منهم من مياه السقيا، وأحقية كل منهم فيما تجري به الأودية من سيول. وكان كثيراً ما يقف بنفسه على مواقع الاختلاف، ويقضي فيها بما يحقق المصلحة العامة، ويرضي مختلف الأطراف. ولعل لنشأة الشيخ عيسى في منطقة جازان وامتلاك أسرته لكثير من الأطيان الزراعية فيها وممارسته هو نفسه للزراعة التي لا يخفى عشقه لها الأثر الأكبر في استيعابه لمختلف القضايا المتصلة بها، خصوصاً وأن نظام الزراعة التقليدية في جازان شبيه بما هو سائد في محافظة القنفذة، أحيل الشيخ عيسى إلى التقاعد في تاريخ 16-12-1414هـ. وتوفي بعد معاناة طويلة مع المرض في مدينة القنفذة في يوم الثلاثاء الموافق 4-5-1425هـ، رحم الله الشيخ عيسى الحازمي رحمة الأبرار وجزاه على ما قدم لمنطقته وأهلها خير الجزاء.

جاء بعد هذين الشيخين الجليلين للقضاء في محكمة العُرْضِيَّه يحيى بن محمد البهلول الذي واصل مسيرة القضاء ثم الشيخ محمد الكريري، ولم أقم بالترجمة لهما ولكن عذري في ذلك الشح في المعلومة ولم أهتد قبل كتابة هذه السطور لأي معلومات تفيد القارئ عنهما.



bnmgni@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد