Al Jazirah NewsPaper Wednesday  26/05/2010 G Issue 13754
الاربعاء 12 جمادىالآخرة 1431   العدد  13754
 
لما هو آت
قلبها...
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

كلما كنا نجلس لفنجان من القهوة، بعد يوم شتوي قارس يفت برده في عظامنا، أو يوم صيفي قائظ تترهل آهاتنا من فرط حرارته، كانت تعزف على وتر أمومتها،... هذا الفتى سيكبر، سينهي دراسته، سوف يضعني بين حيرة اختيار، وحيرة اقتناع، فإن اخترت عروسه، هل سيقتنع باختياري؟... وهذا الفتى سوف يغدو خارج مداراتي، سيقفز بعيداً عن أسوار اختياراتي، سوف لن أختار ملابسه، ولا طعامه، ولا أصدقاءه، وربما لن أرافقه خطوته حين يسافر كما كنت الوحيدة اللصيقة به، لا أنام إلا قد عرفت تفاصيل يومه، ولون شرابه وطعم لقمته، كنت أصنعها وحدي، كبر الفتى والليلة زفافه... وقبل الليلة كانت وكنت معها نتلهى بفرحنا بهم.., بأحلامنا ودعائنا.. نتسلَّى بترتيب بقاياهم على طاولة أو عند فراش، أو بجوار خزينة، نتشذى ببقايا عطورهم في أرجاء مواقعنا، ونطمئن للوقوف على نجاحاتهم في الدرس أو العمل أو دأبهم على العبادة...

في صباح اليوم الثلاثاء راسلتني بود الصديقة القريبة تسألني الدعاء له ولها وهي تودعه كآخر ما عليها من واجب الأمومة... ولكن كيف؟ وقلب الأم الذي هو صغارها الماشون على الأرض أن يودع من هو في مفترق معشوشب بالطموح وأمل المضي وأحلام التنامي..؟ وهي في كل هذا المرتع لمبتدأ الغرسة، وجذر البذرة..؟

كلنا يا ابتسام وقفنا عند خطوة وخطوة كانوا فيها يضحكون في حين كنا نبكي، ذلك اليوم الذي جاءوا فيه للدنيا كانوا يبكون وكنا نضحك...

مفارقة الأيام مع الأمهات مفارقة عجيبة مدهشة.., ولن يكون بعد دمعة الليلة وثامر يخطو لحياته الأجمل الأوسع التي فيها هو سيد خطوته إلا بسمة فرح بكياناته التي ستمتد وستعمرها عطورات ما نثرته في جوانبه من النور والحب والبقاء...ليحفه الله بعناية تجعل حياته الأجمل الأتم بتوفيقه له..والأسعد بوجوده بين عينيك...وكل أم في مثل يومك هذا..



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد