Al Jazirah NewsPaper Wednesday  26/05/2010 G Issue 13754
الاربعاء 12 جمادىالآخرة 1431   العدد  13754
 
الارتباط بين تعريفة الكهرباء والتنمية المستدامة
د. عبدالله بن محمد الشعلان

 

يزخر عصرنا الحالي بالكثير من الخدمات التكميلية أو الترفيهية في مقابل تواجد خدمات تعدُّ عناصر أساسية ترتبط بصميم أنماط حياتنا اليومية، وأبرز هذه الخدمات الأساسية هي الطاقة الكهربائية التي تعدُّ عاملاً حيوياً بل رئيساً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ نظراً إلى ارتباطها الوثيق بجميع الأنشطة الحيوية في الاقتصاد عامة والمجتمع بشكل خاص كالصناعة والتجارة والسياحة وغيرها بجانب المتطلبات الحياتية اليومية.

ولقد شهدت السنوات القليلة الماضية إنجازات هائلة في قطاع الكهرباء، تمثلت في زيادة قدرات التوليد الكهربائية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية، ومد شبكات نقل وتوزيع لتغطي ربوع الوطن المترامية الأطراف، وتحسين كفاءة إنتاج واستخدام الطاقة الكهربائية مع الاهتمام بالبيئة والحفاظ على سلامتها.

ونظراً إلى ارتباط خدمة الكهرباء بتفاصيل الحياة اليومية لكل مَنْ يعيش على أرض المملكة فقد تم تأسيس هيئة مستقلة بمسمى: «هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج»؛ لإدارة وتطوير أهم وأعقد خدمة تعدُّ العمود الفقري للتنمية في المجتمعات الحديثة كافة، التي قامت بدورها بمواجهة العقبات والمعوقات والتحديات التي كانت تتمثل في عدم توافر التمويل اللازم لإنشاء مشروعات توليد ونقل الطاقة الكهربائية لارتفاع تكلفتها الاستثمارية وعدم وجود قوانين مشجعة ومحفزة على تسويق وترويج الطاقة سواء من مصادر تقليدية أو متجددة، ويظهر ذلك جلياً في إحجام القطاع الخاص السعودي والأجنبي عن الاستثمار في مشروعات إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية على نطاق جغرافي واسع؛ نظراً إلى التكاليف الباهظة، إلى جانب ضعف المردود، إضافة إلى تدني مستوى الوعي لدى مستخدمي الكهرباء بإجراءات ترشيد استهلاك الطاقة والمحافظة عليها أو الاقتناع بالفائدة المزدوجة التي تعود على المواطن وعلى شركات الكهرباء نتيجة للترشيد، كذلك غياب الاستراتيجية الواضحة للربط بين نشاطات مراكز وإدارات البحوث والتطوير المختلفة في مجال تحسين كفاءة الطاقة في الصناعة السعودية.

والآن، وبعد مرور عشر سنوات على مرحلة هيكلة قطاع الكهرباء ودمج شركاته في شركة سعودية واحدة على مستوى المملكة، استطاع هذا القطاع أن ينتقل بصناعة الكهرباء في المملكة إلى عصر جديد، ونحن الآن على أعتاب مرحلة جديدة بتطبيق تعريفة الكهرباء المتدرجة أو المتغيرة، التي تمت دراستها بتأن وعناية لتحقق العدالة والمسؤولية بين جهة الإمداد (شركة الكهرباء) وجهة الطلب (المشتركين)، وتساهم كذلك في ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية حتى تستطيع المملكة السير قدما في تنفيذ خططها التنموية لتحقيق رفاهية المواطن والمحافظة على مكانتها ضمن قائمة الدول الصناعية التي تمتلك وتهيمن على أفضل الاقتصاديات العالمية.

وتسعى الهيئة نحو تطبيق قرار مجلس الوزراء الموقر الذي أقرَّ تعريفة متغيرة موجَّهة إلى الاستهلاك الحكومي والتجاري والصناعي وفق معايير عادلة تمت دراستها بعناية فائقة؛ حيث لا تتسبب في إيجاد أية أعباء إضافية على تكاليف المعيشة للمواطن، لكنها تحث المستهلك على الترشيد في الاستهلاك من خلال استخدام القاعدة 5-24 التي تعني أنه لو تم تقسيم الاستهلاك خارج الساعات الخمس من أوقات الذروة (من الساعة الثانية عشرة ظهرا إلى الخامسة بعد الظهر) فإن النتيجة ستكون حصول المستهلك على فاتورة أقل وخدمة ذات موثوقية أفضل نتيجة تقليل الضغط على محطات التوليد، فضلا عن إطالة العمر الافتراضي للمولدات والتقليل من التأثير على البيئة المحيطة.

وفي تقديري - بوصفي متخصصًا - أن التعريفة الجديدة سوف تسهم في عملية تحديث وتطوير قطاع الكهرباء الذي هو في حاجة ماسة إلى قدرات تمويلية مستمرة وكبيرة كي يستطيع الوفاء بمتطلبات دولة طموحة وشعب لا يقبل إلا بأفضل خدمة ممكنة ومتاحة.

أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة الملك سعود


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد