Al Jazirah NewsPaper Friday  28/05/2010 G Issue 13756
الجمعة 14 جمادىالآخرة 1431   العدد  13756
 
الدفاع المدني.. بين النقد والسقط!
محمد بن عيسى الكنعان

 

في ظل تدفق صور أمطار الرياض على شبكة (الإنترنت)، التي توثق لمشاهد كارثة الأنفاق والشوارع التي غطتها المياه، كانت هناك صورة لأحد أفراد الدفاع المدني وهو يحمل في قارب إنقاذ مجموعة من الخراف وسط بحيرة مياه كبيرة،

وكان التعليق ساخراً: من إنجازات الدفاع المدني التي يُشكر عليها! وكأنه إيحاء بأن إنقاذ هذه الخراف هي إنجازات الدفاع المدني فقط، أو هذا ما يستطع فعله.

يغلب (ظني) أن الذي كتب ذلك الكلام، سواءً باسم النقد أو السخرية لم يخرج من منزله ليرى حجم المشكلة، أو يشارك في معمعة الإنقاذ التي شارك فيها الجميع، خصوصاً أننا اعتدنا النقد الجارح في حق (الدفاع المدني) عند كل كارثة طبيعية، لدرجة أنك قد تصاب ب(وهم) أنه الجهاز الوحيد على خريطة الأجهزة الحكومية، المثقل بالأخطاء والمشوه بالقصور، فضلاً عن مقارنته بشكل ظالم وغير متزن مع أجهزة الإنقاذ والطوارئ والدفاع المدني في الدول المتقدمة وبالذات (911) في الولايات المتحدة الأميركية!

إنني هنا لا أدافع عن (الدفاع المدني) بقدر ما أريد الإنصاف في النقد، والحديث الموضوعي الذي يقوم على ذكر الإيجابيات والسلبيات معاً، فرجال هذا الجهاز لم يتأخروا في نجدة الآخرين، ولم يتقاعسوا في أعمالهم، التي تعد من أخطر الأعمال كونهم يواجهون أخطاراً حقيقية وكوارث طبيعية، وإن وجد بينهم قصور أو تقاعس فهذا لا يلغي جهوداً كبيرة بذلوها لإنقاذ الأرواح ومحاولة حماية الممتلكات. بل يكفي أن نعرف أن مهمتهم النبيلة هي في واقع الحال (مضاعفة) فهم يؤدون واجبهم في ذات الوقت يستدركون أخطاء جهات أخرى في أعمالها للبنية التحتية. عندما يتحول (النفق) إلى بحيرة تصطاد السيارات فهل نطالب الدفاع المدني بالمستحيل؟ أم نحمله المسئولية لأنه هو اللاعب المحور في الأحداث بعد وقوعها رغم أن أساس المشكلة عند غيره؟ أم نحثه على إنقاذ ما يمكن إنقاذه!

أما تلك الصورة موضع التندر، فليت من كتب ذلك الكلام الساخر قد استرجع خلفيته الدينية والثقافية، ليعرف أن رجلاً دخل الجنة لأنه أنقذ كلباً من العطش، وأن عمر بن الخطاب كان يخاف أن يسأله الله عن بقرة عثرت في أرض العراق لماذا لم يسوي الطريق لها. من هنا يمكن قياس عظمة الأعمال وفضائل صغارها، ورجل الدفاع المدني الذي أنقذ تلك الخراف لا نشك أبداً في أنه سيقدم حياته رخيصة لإنقاذ الآخرين. إن المطلب الحقيقي أن نتحدث عن تطوير الدفاع المدني وتأهيل رجاله بدورات تتناسب مع متغيرات المناخ وتسارع الحياة وتعقيداتها، مع محاكاة تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال، فهذا خير من السخرية بمن يعرضون حياتهم كل يوم للأخطار.



Kanaan999@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد