Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/06/2010 G Issue 13762
الخميس 20 جمادىالآخرة 1431   العدد  13762
 
نزهات
حتى أنت يا سعادة اللواء؟
يوسف المحيميد

 

لا أعرف كيف تذكرت تصريحاً مثيراً أطلقه قبل سنوات وزير التربية والتعليم السابق د. محمد الرشيد حينما صرّح بأن أولاده يدرسون في مدارس أهلية خاصة، لأن المدارس الحكومية ليست على مستوى طموحاته، ولا أعرف إن كان هناك تصريحاً لأحد وزراء الصحة الذين مرّوا على هذه الوزارة العرجاء بأنه يعالج أولاده في مستشفيات أهلية خاصة، أو ربما في ألمانيا الاتحادية!

أقول إنني تذكرت هؤلاء ممن يقود هذه الأجهزة، ويتورط هو بشخصه في الخلل الذي تقع فيه، دون أن يمتلك كل وسائل رفع هذا الخلل أو ذاك، حينما قرأت مقتطفات من ندوة المتحدث الأمني بوزارة الداخلية اللواء منصور التركي، بعنوان «الإرهاب والمخدرات: حقائق وأرقام»، قال فيها: كدت أفقد ولدي الوحيد حينما كان طالباً حين اعتمدت على دور المدرسة، لكنني لاحظت عليه بعض التصرفات والأسئلة الغريبة، ولو لم أتدخل في الوقت المناسب، لكان مغرراً به في إحدى مناطق الصراع!.

أنتَ، يا سعادة اللواء، لاحظت وانتبهت، ربما لأسباب عديدة، كونك واعياً مثلاً، أو لأن مستواك الاجتماعي يجعلك تفكّر بابنك وتربيته، أو لأنه ابنك الوحيد، أو لأنك محظوظ فحسب. لكن ماذا عمن لديه سرب من المراهقين الذين لا يفصل بين الواحد والآخر سوى سنة وأشهر، ماذا عمّن يلهث نهاراً وليلاً كي يردم هوّة الفقر والجوع والحاجة، هل تعتقد أنه سيلاحظ؟ أو سيجد الوقت الذي يلاحظ فيه تصرفات ابنه؟ وأي ابن سيلاحظ من جيش مراهقين يتربص بعودته إلى المنزل؟ أرجو ألا تجيب بأن «ما أحد قال له ينجب جيش» حتى لا ندخل في دوامة إلقاء اللوم على غرقى كارثة جدة لأنهم عاشوا في مناطق عشوائية! فهو أنجب ذخيرة للوطن لو كان كل شيء على ما يرام، وأول هذه الأشياء هو التعليم، التعليم، التعليم، وليس التربية فحسب كما تشير رؤيتك أثناء ندوتك.

قد أتفق معك كثيراً بأن المدرسة لا تؤدي الشق الآخر من عملية التعليم، وهو التربية، رغم أنني أرى ذلك أمراً طبيعياً، فنحن العرب حين نرغب في تجاهل أمر ما، أو إغفاله، نضعه في المقدمة، فنقول: وزارة التربية والتعليم، وزارة الثقافة والإعلام... وهكذا، لا يختلف الأمر عن الأندية الرياضية، أو أندية كرة القدم، التي تضع تحت مسمياتها: نادٍ ثقافي، اجتماعي، رياضي، فالرياضة آخر أنشطتها على اللافتات، لكنها أولها على الواقع. أقول قد أتفق معك جزئياً، لكن التعليم أيضاً هو ما يعاني من أزمة الفكر ولوثة التطرف، ليس بسبب المناهج كما تردد طويلاً، لأن المناهج ليست من يقود ربّان الصف، بل دماغه العظيم هو ما يقود التعليم، ف(التعليم في الرأس وليس في الكراس)، ورأس معظم هؤلاء عششت فيه أفكار متشددة ومتطرفة تصعب إزالتها، إلا بعد مرور جيل أو جيلين، وربما ظهور نتائج مأمولة من عودة المبتعثين، والتحاق بعضهم في سلك التعليم وتطويره.

هناك كلمة مهمة في حديثك، سألتقطها وأضيف عليها، وهي قولك بأن «هناك تقصير كبير في الرياضة والرسم اللذين لهما تأثير كبير على شخصية الفرد» وهذه نقاط مهمة جداً، لأن الرسم والتربية الفنية أوقفت منذ سنوات عن مراحل المتوسطة والثانوية، فهي «شخبطة» زائدة عن الحاجة، لا تفيد في نظرهم، ألم يكن تعليم «اللغة الإنجليزية» أمراً غير مهماً، بل تجب محاربة تعلم لغة الكفّار؟ فمن ألغى حصص التربية الفنية؟ ومن ألغى نشاط المسرح المدرسي واستبدله بمسمى «النشاط الثقافي» العائم؟ ومن منع الموسيقى من حفلات نهاية العام؟ ومن عارض النشيد الوطني في الصباح المدرسي؟ ومن وقف ضد الرياضة المدرسية النسائية؟

الإجابة باختصار: هم أحفاد من حارب إدراج مواد الجغرافيا والعلوم قبل نصف قرن، ورفض كروية الأرض، فظلت الأرض تدور، ونحن «مكانك سر»!



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد