Al Jazirah NewsPaper Monday  07/06/2010 G Issue 13766
الأثنين 24 جمادىالآخرة 1431   العدد  13766
 
مدائن
بحر تركيا المتوسط
د. عبدالعزيز جارالله الجارالله

 

كانت المواجهات والصدامات العربية والإسرائيلية تتم عبر اليابسة واليوم جاء الأتراك من البحر وأي بحر، من بحرهم الأبيض المتوسط كان قاعدة ورأس حربتهم منذ أن بدأت تركيا في قضم الأراضي البيزنطية من بحر مرمرة في أوائل القرن (13) ميلادي وبدأ الأتراك يفتحون بحر بلاد بيزنطة واحتلوا اليونان، ومقدونيا وبلغاريا حتى غرب البلقان أواخر القرن (13) ميلادي.. وجاء محمد الفاتح ليفتح بحار الخلافة الإسلامية ولتسقط بلاد المجر (بلغراد) ويصلوا إلى حدود العاصمة النمساوية (فيينا) عام 1529م ثم ضموا شرق الأناضول وشمال بلاد الرافدين بعد أن هزموا الصفويين وسيطروا على أجزاء من أسيا الوسطى ومصر وسوريا وسواحل الجزيرة العربية والمغرب العربي ومالطا وقبرص ليصبح البحر الأبيض المتوسط خالصاً لتركيا في أواخر القرن (16م) واستمر النفود المتقطع حتى القرن (20).

ولو قدر الله أن يكون هناك تنسيق بين ثلاث حضارات وإمبراطوريات إسلامية: المغول في القارة الهندية، والصفوية في إيران وآسيا الوسطى، والعثمانية في آسيا الصغرى وأوروبا - لو قدر الله - لهذه الإمبراطوريات الإسلامية أن تعمل مع بعضها لأطبقت على العالم القديم وتحديداً على أوروبا التي كانت تعيش الصراعات والضعف والتفكك ولأصبح لدينا خريطة سياسية وجغرافية مختلفة عما هي عليه اليوم.

مجيء الأتراك إلى غزة من البحر الأبيض المتوسط وتحرك إيران نووياً وانفلات باكستان من تبعات أفغانستان وانسلاخ دول آسيا الوسطى من قبضة الاتحاد السوفيتي القديم وتحرر العرب من تاريخ الاستعمار الحديث ومن وهَم وكذبة إسرائيل هي مقدمات إلى أطالس وخرائط سياسية جديدة يمكن العودة إلى تاريخ تلك الإمبراطوريات ولكن بشكل محدث وعلى توازن قوى جديدة كانت إسرائيل وخلال (60) سنة ماضية ترسم نفسها جندياً صارماً لهذا الشرق كما أرادت أن تقوله للعالم في أسطول الحرية التركية.

إذن تركيا لم تتحرك بحراً لتعود إلى قواعدها مرة أخرى. والعرب الذين أفاقوا من تاريخ الاستعمار وتقسيمات سايس بيكو التي جعلت من الأراضي العربية مجسمات كرتونية وألوان طيف وخطوط طول ودوائر عرض لن يقبلوا لعبات المستعمرين الثلاثة فرنسا وإنجلترا وإيطاليا.. كما أن باكستان لن تبقى إلى الأبد في مستنقع أفغانستان، وأيضاً جمهوريات أسيا الوسطى لن تستمر مناطق عبور للغزاة وأنابيب الغاز وفي ثقافة العالم القديم... فالعالم اليوم يعيش وضعاً جديداً بعد حقبة الحرب العالمية الأولى التي جاءت منها تلك التقسيمات... وإسرائيل بدأت قراءة نفسها من أول رصاصة أمريكية أطلقت في أفغانستان والعراق ومنذ حرب الجنوب اللبناني 2006م ومذابح غزاة عام 2008م وأول ميل قطعته سفينة مرمرة من بحر تركيا إلى شواطئ غزة 2010م.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد