Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/06/2010 G Issue 13771
السبت 29 جمادىالآخرة 1431   العدد  13771
 
الثعالبيون..!!
رمضان جريدي العنزي (*)

 

الثعلب في لهجتنا الشمالية نسميه (حصني) وتصغيره (حصيني) والثعلب ممثل بارع إذا طارده الصيادون تماوت وإذا شم رائحة الكلاب وثب (انحاش) وابتعد بسرعة الرصاص، والثعالب أنواع، ثعلب بري وثعلب قطبي وثعلب جبلي، وكلهم في الصفات والطبائع والمراوغة سواء، وليس بينهم ثعلبٌ واحدٌ أليف أو يستحق الإشادة أو بعيداً عن الخبث والمكر والخداع، وفي بطون الكتب ثمة أشياء كثيرة أخرى عن الثعالب لست بصدد إيرادها، إلا أن الثعالب الآدمية التي أنا بصدد الحديث عنها هي من أكثر الثعالب مخادعةً ومراوغةً وتبايناً، لأنها تمتلك نزعتين مختلفتين ومتنافرتين، في وضح النهار نزعة، وفي بهيم الليل نزعة أخرى.

إن هذه الثعالب الآدمية فخورة بمكرها وفخورة بخداعها وفخورة بكل أنواع الرياء والتشفي ورداءة الطباع التي تملكها وتحاول الانفكاك منها ومن قيودها وأغلالها الصلدة.

إن هذه الثعالب الآدمية الماكرة عندما يداهمها الخطر وتكتشف من قبل الآخرين تحاول الدفاع عن نفسها بما تملكه من سبل دفاعية حتى ولو على حساب نفسها ومبادئها ومحيطها وعرفها، لا لشيء إلا لمجرد التخلص من الموقف ومن الظرف الذي يحيط بها بأسرع ما يمكن من وقت في ظرف زماني ومكاني محدد، أن بعض هذه الثعالب الآدمية لا تملك الرشد في المواقف وليس لها مغزى أو هدف أو حكمة في حياتها ولا تعرف التأمل في خارطة الخيارات الإنسانية وليس لها عدالة أو قانون في التسامي والإخلاص أو الكياسة في الأخلاق والمعاملة، إن بعض هذه الثعالب الآدمية لها طقوسها وتضاريسها ومناخاتها وعاداتها وتقاليدها في المكر والخداع بدرجة واضحة وبينة لا تخفي عن الضرير الأصم، رغم محاولتها ردم الهوة ورتق الشق ومحاولة الإبقاء على ما تبقى من ستر إلا أن الفجوة كبيرة والشق واسع، أن هذه الثعالب الآدمية وصلت في غيها إلى درجة محاوله تستطيح الناس ومحاولة الخروج عليهم وتسفيه أحلامهم وإلغاء واقعهم رغم ما تملكه هذه الثعالب الآدمية من انحرافات وتشوهات وتفنن في الكذب وتسويق الأوهام بدرجة عالية تفوق درجات (الفهرنهايت) في رابعة النهار.

إن هذه الثعالب الآدمية التي تعيش تراكمات ثقافية ومعرفية وواقعاً مزرياً ومريراً، ولديها إحباط وضياع وتشتت في الواقع وضياع في الأحلام، إن مثل هؤلاء يجب أن لا يثيروا فينا أي شفقة أو رحمة ولا نستسلم لإرادتهم أو تأخذنا أفكارهم أو تطلعاتهم أو حركاتهم الحياتية لا فعلاً ولا عقلاً ولا خيالاً ولا حتى أماني، إنهم مجرد فقاعات صابون وزبد بحر ما يلبث أن يذهب جفاء ويختفي، لأنهم لا يملكون أي عبقرية أو فضيلة، إنهم مجرد ثعالب حتى ولو بدوا بهيئات مختلفة وصحو ومنام مختلف، إن هذه الثعالب الآدمية تعيش من حولنا في كل مكان، وتحوم بشكل لافت للنظر وتتحين أي هزة أو فرصة اجتماعية لتقوم بدورها الماكر حينما يجن الليل، لينهالوا بقبضاتهم القبيحة على وجه المجتمع الناصع دون أدنى تردد أو تيقن أو معرفة أو تمهل.

فدعونا نطارد هذه الثعالب الآدمية الماكرة ونمقتها اجتماعياً وإقليمياً وبيئياً وفكرياً وأدبياً، حتى يعيش المجتمع ويبقى حراً صافياً نقياً هنياً دون (حصينيات) مراوغة وماكرة.



(*) ramadanalanezi@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد