Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/06/2010 G Issue 13771
السبت 29 جمادىالآخرة 1431   العدد  13771
 
مفارقات لوجستية
قرُبَ خلاصُك يا غزة
د. حسن عيسى الملا

 

حفرت بأظافرها قبرها، دقت آخر مسمار في نعشها، عبارات ترددت كثيراً في جرائم سبق لإسرائيل إن ارتكبتها، إلا أن قبر إسرائيل لم يحفر، ونعشها لا يزال ألواحاً متفرقة.

الهجوم الوحشي على سفن الإغاثة الإنسانية في المياه الدولية أو ما يصطلح على تسميتها في قانون البحار الدولي بأعالي البحار، أمر مختلف، فهذا الهجوم على (قافلة الحرية) أو (رياح السماء) اعتداء مركب، ففيه اعتداء على القانون الدولي الإنساني لأنه وقع على مدنيين تحرمه اتفاقيات جنيف واتفاقية فرساي، وفيه اعتداء على حرية الملاحة البحرية في أعالي البحار خارج المياه الإقليمية (الإسرائيلية) وفيه اعتداء على مواطنين مدنيين ينتمون إلى حوالي اثنين وثلاثين دولة أوروبية وعربية وإسلامية، كثير منها موالٍ لإسرائيل يدافع عنها في المحافل الدولية.

هو اعتداء على تركيا التي كانت على وشك أن تجري مناورات عسكرية مع العدو الصهيوني رغم ما اعترى علاقاتها به من مشادات كلامية، تركيا هذه العضو في حلف الناتو لا تستطيع الدول الأعضاء في هذا الحلف التنصّل عن مسؤولياتهم في الدفاع عنها.

إيرلندا والسويد واليونان وأسبانيا وألمانيا وبلجيكا، ولأسباب ربما تكون انتخابية لا تستطيع حكوماتها القبول بالاعتداء المسلح على مواطنيها في أعالي البحار وهم يقومون بحملة إنسانية لإيصال المساعدات الإنسانية لأهل غزة المحاصرة منذ ثلاث سنوات، رغم قرار مجلس الأمن رقم (1860) المستنكر للوضع الإنساني لمليون ونصف من سكان غزة.

لذلك رأينا أن بياناً رئاسياً صدر خلال أربع وعشرين ساعة من مجلس الأمن، يدين الهجوم ويطالب بالتحقيق فيه، ومهما قيل من تخفيف للهجته بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه يبقى أساساً لقرارات أخرى تتخذها الدول العربية والإسلامية، وأساساً لتحرك منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة تعنى بحماية المدنيين وحقوق الإنسان.

يكفي هذا القرار أنه قرّر رفع الحصار عن غزة بدعم من بريطانيا وفرنسا، العضوان الدائمان في مجلس الأمن والداعمين الرئيسين لإسرائيل والمنافحين دائماً عن حماقاتها المتكررة واحتلالها لفلسطين.

لقد أعجبت بكلمة وزير الخارجية التركي، فلقد ذكّر بالبواخر التي كانت تحمل اليهود والمهاجرين إلى فلسطين رغم قدرة تركيا في ذلك الوقت على مهاجمتها.

وسرني ما سمعت من مندوب فلسطين الذي حكمت المبادئ والمرتكزات والقيم كلمته دون أن تتأثر بالمماحكات السياسية والاختلاف بين فتح وحماس.

مندوب إسرائيل الذي كان يصول ويجول في مثل هذه المحافل الدولية، بدا متردداً ومتلعثماً ولاهثاً وهو يحاول صرف المجلس عن موضوع الجلسة ليبرر ما حدث ويجر انتباه أعضاء مجلس الأمن إلى المفاوضات السلمية.

ما أنا مقتنع به، إن فك الحصار عن غزة بات قريباً، وأن تركيا لن تكتفي بذلك، فقد سال دم مواطنيها واختلط بدماء الفلسطينيين ولابد أن يثمر بشكل أو بآخر حرية لفلسطين.

ومثل ما أجمعت الأحزاب الإسرائيلية على تأييد عربدة حكومتها بما في ذلك حزب كاديما المعارض، فإن جميع الأحزاب التركية بما في ذلك الأحزاب المعارضة لحكومة حزب العدالة والتنمية متفقة على ضرورة معاقبة إسرائيل.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد