Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/06/2010 G Issue 13771
السبت 29 جمادىالآخرة 1431   العدد  13771
 
خادم الحرمين ملك إنسانية ورجل مواقف وصاحب قلب كبير
د. عبدالعزيز بن سعود العنزي

 

يسعدني في هذه المناسبة الغالية والعزيزة على أنفسنا جميعاً وهي ذكرى بيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه- أن أشارك الجميع بهجتهم الكبيرة وحديثهم عن ملك الإنسانية ورجل المواقف وصاحب القلب الكبير.. ولعل أبعاد شخصيته تحمل مساحات كبيرة للبوح والتعبير الذي لا يمكن أن ينحصر في موقف معين؛ فمواقف الملك عبد الله بن عبد العزيز متعددة وذات أثر تسجله اللحظات في أعماقها حاضراً ومستقبلاً.. ولا يستطيع الإنسان حصرها مهما أوتي من قوة البلاغة وحسن الوصف والتعبير. لقد كان اهتمامه -حفظه الله- بالوضع الداخلي مشهوداً, فاهتم بالتنمية الشاملة على كافة المستويات لخدمة أبناء هذا الوطن. وحرصه على أن يصل الإنسان السعودي بإمكاناته المعرفية والمادية إلى مستويات عالمية على كافة الأصعدة، وذلك عبر القيادة الواعية التي أدركت قيمة الفرد وأسهمت في جعله مشاركاً مباشراً في التنمية المحلية والعالمية، مما جعل المملكة بكل مقدراتها أنموذجاً يحتذى في العمل السياسي المتزن وحل الصراعات وبناء الحوار الإنساني بين الحضارات، حيث حافظت بقيادة الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- على الثوابت واستمرت على نهج جلالة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله.

ومن أبرز ملامح التقدم السياسي الذي صاغه خادم الحرمين الشريفين نجاحه في حل بعض الصراعات السياسية وخصوصاً الإقليمية، وما المبادرة العربية إلا خير شاهد على ذلك، وأمره داخلياً بإنشاء هيئة البيعة لتعزيز البعد المؤسسي في تداول الحكم، وبدأت المجالس البلدية تمارس مسؤولياتها المحلية بعد انتخابات نزيهة ومشرفة، وإصدار نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وزيادة عدد مؤسسات المجتمع المدني وبدأت تسهم في مدخلات القرارات ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، وتم تشكيل هيئة حقوق الإنسان وإصدار تنظيم لها وتعيين أعضاء مجلسها، كما تم إنشاء جمعية أهلية تسمى جمعية حماية المستهلك، وقام مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بدوره في نشر ثقافة الحوار في المجتمع، وساهم في تشكيل مفاهيم مشتركة بشأن، النظرة إلى التحديات التي تواجه المجتمع وكيفية التعامل معها. ومن جانب محاربة الفساد أمر بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

وشرع -حفظه الله- أيضاً بخطاه الحثيثة نحو معالجة الفقر والبطالة، واهتم بمجال الرعاية الصحية وبناء المدن والمراكز الطبية المتطورة والتي وضعت المملكة بلا مبالغة في مصاف الدول المتقدمة في مجال تقديم الخدمات الطبية، ودعم صندوق التنمية العقارية، وأمر بزيادة الرواتب لمواجهة غلاء المعيشة، وتنظيم للجمعيات التعاونية والخطة الوطنية لصناعة الأعلاف، ودعم المشروعات الصغيرة في مجال الاستثمار وخصوصاً الشباب، وإنشاء صندوق استثماري لذوي الدخل المحدود، وتنظيم الهيئات الداعمة للنشاط الاجتماعي والثقافي كتنظيم جوائز الدولة التقديرية.

واهتم الملك عبد الله بخدمة الحرمين الشريفين ورعايتهما وتوسعتهما لخدمة الحجاج والزائرين والمعتمرين من كافة أقطار العالم الإسلامي، ويشهد بذلك عدد من المشروعات الضخمة التي ساهمت في تيسير أداء الحجاج والزوار لمناسكهم في هدوء وسكينة وأمان.. وهذا هو ديدن المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد جلالة الملك المغفور له بإذن الله تعالى عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل -رحمه الله- وأبنائه البررة: سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله جميعاً. ثم أكمل هذه المسيرة الخيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمد الله في عمره وجعله ذخراً لنا.

ولقد كان من ضمن سياساته الاقتصادية -حفظه الله- تهيئة المملكة لدخول القرن الحادي والعشرين من خلال دعمه لبناء العديد من المدن الاقتصادية لتكون بيئة تتكامل فيها ظروف المكان مع الموارد المالية لتأسيس بيئة حاضنة للاستثمارات بمختلف أشكالها سواء في القطاعات المعرفية أو الصناعية أو الخدمية. وجاءت المدن الاقتصادية الخمس في كل من رابغ ومكة والمدينة وحائل وجازان، لتؤكد أهمية أن يكون للمملكة موقع متميز على خريطة العالم من حيث جذبها للاستثمارات الأجنبية، وذلك انطلاقاً من توافر الميزات النسبية فيها من موقع إستراتيجي جاذب، وموارد طبيعية تهيئ للنهوض بقطاع الصناعة، وموارد مالية تمكن من حشد هذه الموارد وتسخيرها لتحقيق إنتاج مادي يزيد من تنوع الاقتصاد، ويقلل من اعتماده على النفط مصدراً أساسياً للدخل الوطني. إن فكرة المدن الاقتصادية فكرة رائدة، بالإضافة إلى إنشاء أكبر مركز مالي في مدينة الرياض وأكبر مدينة اقتصادية في الشرق الأوسط، وكذلك رعايته لإطلاق المبادرة الوطنية لتحلية المياه بالطاقة الشمسية، والبدء بتنفيذ السكك الحديدية في الجنوب والشمال. وما هذا الدعم إلا دليل على الإصرار على المضي قدماً في سبيل التنمية الاقتصادية وعلى السير بخطى واثقة إلى مصاف الدول المتقدمة.

وفي مجال التعليم, فإن تخصيص المملكة لأكثر من 100 مليار ريال للعام الجاري لدعم التعليم وتطويره قد جعل المملكة من أعلى دول العالم في الإنفاق على التعليم كنسبة للناتج المحلي.. وتم استثمار هذه المخصصات الضخمة في إنشاء جامعات جديدة في جميع المناطق وتكريم أساتذة الجامعات المخترعين بأعلى أوسمة الدولة، والدعم السخي لأبحاث النانو وبرنامج ابتعاث طموح لينهل الطلاب العلم ويستوعبوا الثقافات الأخرى، وإنشاء جامعة الملك عبدالله ودعمه لمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام.

حيث أن توفير كافة الإمكانيات لتمكين الجامعات السعودية من تحقيق رسالتها العلمية والبحثية وفق تعليم عال مندمج من محيطه الداخلي ومنفتح على العصر يؤكد نظرة الملك -حفظه الله- إلى التعليم كأهم الركائز الأساسية لتحقيق التنمية في بلادنا ورفع كفاءات شبابنا وإعدادهم للمستقبل. وقد كان الإنجاز المعرفي والاقتصادي الكبير وهو قرار إنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية، والطاقة البديلة، فإنشاء المدينة يضع مستقبل الوطن في أولوية القرار لرفع المملكة لمستوى الدول المتطورة المنتجة، وإخراجها من قائمة الدول المستهلكة لمواردها الطبيعية.

إن المتأمل للوحة الإنجازات التي تحققت على يدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لا بد أن يشعر بالفخر والاعتزاز. إننا ونحن نعيش فرحة هذه المناسبة الكريمة ندرك أننا - ولله الحمد - والمنة نقف على مشارف لحظة رائعة في تاريخ هذا الوطن، تراكمت فيها الإنجازات والتحمت من أجلها السواعد خلف قائد قد ألزم نفسه بأن يكون أباً لصغيرنا وأخاً لكبيرنا.. لا يهنأ له بال ولا تهدأ له نفس إلا بتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من خير وأمن واستقرار يستحقه وطن أكرمه الله بأن يكون في القلب من أمته العربية والإسلامية.

مدير جامعة تبوك


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد