Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/06/2010 G Issue 13772
الأحد 01 رجب 1431   العدد  13772
 
المنشود
هوشة مشايخ!
رقية سليمان الهويريني

 

أتابع باندهاش الحراك الثقافي الحالي في مملكتنا، وأعجب من تصنيف أفكار الناس إما ليبراليا منفتحا أو متشددا منغلقا، ولا يكاد يجد الوسطي متسعا للاصطفاف مع الفريقين برغم الفرقة بين الطرفين. وإن حاول التقريب بينهما يجد رفضا وإقصاء بحجة الميوعة تارة والنفاق تارة أخرى، برغم أن القرآن الكريم وصفنا بالأمة الوسط.

فحين أفتى الشيخ عبد المحسن العبيكان بجواز إرضاع الكبير رفضها الكثير، ولم يكتفوا بذلك بل تهجموا على الشيخ بذاته وشخصه وسفهوا علمه وضربوا صفحا عن مناقشة الفكرة والتحاور حول الفتوى للوصول إلى رأي غالب! ولو كان أفتى بها غيره لتسامحوا معه بل وتم قبولها برغم شذوذها، وإيجاد مبررات له مثلما بُررت زيارة القدس للدكتور العريفي والبحث له عن مخارج والتشكيك في الصحافة، كما أوجدت مسوغات للدكتور يوسف الأحمد بهدم الحرم منعا للاختلاط، وبعدها هدد الدكتور الأحمد بمقاضاة الصحف التي نشرت الخبر وصار يمدد لها فرص الاعتذار له! وحتى الآن لم تعتذر أية صحيفة، بينما أتباعه ما زالوا ينادونه بأسد السنة!

وعلى العكس تماما تعامل الناس مع الشيخ أحمد الغامدي حول فتوى جواز الاختلاط حتى وصل الأمر بالتهديد بالقتل والتصفيات! فأفتى الشيخ عبد الرحمن البراك بجواز قتل من يبيح الاختلاط ووصل الأمر إلى قيام مجموعة من الشباب بمهاجمة منزل الغامدي بدعوى طلب الاختلاط ببناته، وعذرهم أحد المشايخ!

وفي المقابل تم غض الطرف عن حماس الدكتور الأحمد لزواج القاصرات ولم يقف أولئك الشباب أمام بابه أو يطلب منه أحد أتباعه من الشباب أو الشياب الزواج بإحدى بناته القاصرات خصوصا بعد رفضه تقنين زواج الصغيرات بل وتشجيعه لهذا النوع من الزواج بحجة إقراره منذ زمن الرسول عليه الصلاة والسلام،بل قال إن الليبراليين اختلقوا الحكاية وضخموها ليصرفوا الناس عن أمور دينهم؛ استنادا لنظرية المؤامرة التي يؤمن بها كثيراً، ولم يكتف بذلك بل إنه وصف وزارة التربية والتعليم سعيها لإشاعة الفاحشة لقرارها بالسماح للمعلمات بتدريس الأطفال دون سن العاشرة في مدارس البنات، وتقدم بدعوى قضائية ضدها لديوان المظالم للطعن في قرارها، بعد أن كتب خطابات لنواب الوزير، ولما لم يستجيبوا كتب لعدد كبير من الجهات المسؤولة في الدولة، وحين تجاهلوه في الرد اشتكى للقضاء الإداري، وكنت أتمنى لو طالب في أحد خطاباته بتسكين المعلمين والمعلمات على درجاتهم المستحقة، كما كنت أتمنى لو أنه تولى قضية فوائد البنوك الربوية وقروضها المركبة وإلحاقها الضرر بالناس.إن الكيل بمكيالين سواء من لدن الليبراليين أو المتشددين مؤلم، ولاسيما حشد الناس لمهاجمة الأشخاص والتشكيك في أخلاقهم وتصنيفهم. وكان يحسن مناقشة الأفكار وتقدير الأشخاص بغض النظر عن اتجاهاتهم والترفع عن الملاسنات والتراشق في الجرائد والقنوات الفضائية بصورة مخجلة.

وما يؤسف له أن الأمر تعدى المهاجمات من الطرفين بل وتجاوزها إلى انقلاب أبيض عبر تهجم بعض المشايخ على بعضهم مثلما فعل الشيخ محمد الدريعي حين هاجم الشيخ عبد المحسن العبيكان حول إرضاع الكبير لدرجة رده على سؤال أحد المتصلين في برنامج أهل الذكر وقوله (إنَّ الفتاوى التي صدرت لو كانت قيلت في عهد الشيخ محمد بن إبراهيم أو الشيخ عبد العزيز بن باز لأمرا بإدخاله السجن وقطع لسانه، والأفضل له التوجُّه إلى سوق الخضار للعمل هناك بدلاً من التكلم في الدين والتدليس على الناس في دينهم)، وكأن البيع في سوق الخضار إهانة! في الوقت الذي نسوق فيه أبناءنا ونشجعهم للسعي والبحث عن مورد للرزق، والبيع في سوق الخضار أحدها!

وإن كانت الفوضى في الفتاوى تقود إلى البلبلة فإنه من الواجب عدم الخوض فيها وقصرها على اللجنة الدائمة للإفتاء؛ لنقفل أبواباً طال فتحها وأصبحنا بسببها أضحوكة لغيرنا!

www.rogaia.net


rogaia143@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد