كنت أنتقل بين القنوات الفضائية باحثاً عن برنامج مناسب للمتابعة، وبالصدفة أوقفت زر البحث على لقاء في قناة لبنانية لم أعرف من خلاله بعد قصير متابعة سوى أنه برنامج تنبؤات، أما المتنبئ فاسمه مايك فغالي، تحدث الرجل بثقة قائلاً: إن هناك قلاقل ومشاكل ستحدث في فرنسا، وأن إرهاباً جديداً سيضرب أمريكا، كل ذلك خلال الستة أشهر القادمة، وأضاف أن مشكلة العرب مع إسرائيل لن تصل لحل عن طريق الغرب، بل سيكون الطرف الأهم في حل القضية هو دولة قطر، وستعود نتيجة لذلك أراض عربية لسوريا والأردن ولبنان وفلسطين، وأردف قائلاً: إن قطر ستصبح مملكة، بل من أعظم الممالك العربية، ثم أوضح مؤكداً صدق تنبؤاته بأنه قد تنبأ بما حدث لدبي قبل أوانه، وأن مشكلة دبي ربما تعود مرة أخرى.
ما أود الحديث عنه هو أننا كأمة مسلمة نقول ما جاء في ديننا بأن أمثال هذا المنجم يكذبون وإن صدقوا، وإن صدق في تنبؤه فعلاً فسنقول أنه يبني تنبؤاته على ما يراه في أرض الواقع، وربما كان له أعوان من الجن يخبرونه بما يدور في الكواليس قبل إعلانه بما ليس من علم الغيب، وبالتالي فإنه يبني تلك التنبؤات بدمج ما يراه وما يخبرونه به، وهو على هذه الحال كما قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله وغفر -: له مستند إلى أمر محسوس والشيء المستند إلى أمر محسوس لا يقال إنه من علم الغيب، كما هو حال التنبؤات التي تقال في الإذاعات حول الطقس مثلاً، وما دام الحديث عن التنبؤات فقد تنبأ منذ أكثر من خمسمائة عام اليهودي (نوستراداموس) الذي تخلى عن اليهودية واعتنق الكاثوليكية مع عائلته نيجة الاضطهاد الذي كان يلاقيه غير المسيحيين من محاكم التفتيش، وقد تأثر نوستراداموس بالأدب اليهودي الغبي، ودرس على يد جده مختلف العلوم ومنها علم التنجيم الذي كان يسميه (العلم السماوي) وكان له الأثر فيما يعد على خوضه مجال التنبؤات وتأليف رباعياته الشهيرة.
من أهم تنبؤات نوستراداموس ما حدث فيما بعد من ضربة نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر، وكذلك حرب العراق وغيرها، وقد بلغت شهرته لدرجة أن صحيفة كالواشنطن بوست تضع زاوية لتنبؤاته التي تأتي على شكل رباعيات لا تفهم في وقتها ولكنها تجد طريقاً للتصديق حين حدوثها.
وعوداً على العنوان فإن التنبؤ يمكن أن يكون وهماً ربما اقترن بحلم، أو هو توقع لحدث معين نتيجة إرهاصات سابقة، أو هو نتيجة تنظيم وجهد وعمل يتوقع معه النجاح، وربما يكون أحياناً نتيجة قوة تفوق قوة أخرى كما في مباريات كرة القدم، أما التنبؤ بالأحداث المستقبلية فلا يعدو كونه تنجيماً لا علماً بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله.