أتساءل كثيراً عن السبب الذي يجعل كل غال رخيصاً في بلدي، أعني الغالي الذي يستحق أن يبقى غالياً، الوقت، والمال، والمبدأ، والحياة، والسلامة.. إلخ وأنحي باللائمة على التربية الفردية والعائلية وغيرها، ولا ألبث أن أغوص أكثر فأكثر في البحث عن السر الذي يستعيد قيمة الثروات الفردية والوطنية المهدرة بكل برودة واستهانة.. فاستخلصت أن قيمة الأشياء القيمة تستحق الحفاظ عليها بالقوة، والقوة أشكال ومستويات وصور.. لكن تبقى القوة أهم عامل لحفظ الغالي والنفيس مما نعتز به ونحبه ولا نحب أن نفرط به طرفة عين.. أو لا يحب العقلاء أن يفرطوا فيه أبداً.. وسآخذ نظام (ساهر) مثالاً لذلك، ولكن سأسبقه بإشارة قرآنية تؤيد حق استخدام القوة - بمفهومها المتنوع - لحفظ الحقوق، وهو مثال الوقت والخصوصية التي نحب الاحتفاظ بها أحياناً، فيأتي شخص لم يحسب لذلك حسابه لسبب من الأسباب، وحين ذلك تأتي القوة المناسبة، وهي كلمة (ارجع) لترسل رسالة مفادها (احترم وقتي وخصوصيتي)، وهذا ما نفهمه من قوله تعالى في تأديب الطارق والزائر: {وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ}، فهذا يبرر استخدام قوة مناسبة وتحت السيطرة التامة في فرض النظام وحفظ الحقوق (ارجعوا)، كما أنه يزكي الشخص الذي يتحرم حقي الخاص في استخدام القوة المناسبة، حتى ولو كانت موجهة ضده {هُوَ أَزْكَى لَكُمْ}.
وأما نظام (ساهر) فهو قوة عامة للمجتمع؛ فإذا أنا أيّدت هذا النظام وأسهمت في تطويره فأنا اكتسب لنفسي قوة هائلة أحفظ بها حقي في الحياة والسلام والأمن والأمان.. وإن أنا قاومته بلا وعي فأنا أفرط في وسيلة وضعت لتجعلني قوياً، باعتباري فرداً من أفراد مجتمع سيستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من هذا النظام.
جامعة القصيم