يلجأ كثيرون منا لحل مشاكلهم بالنظر من ثقب الإبرة وهذه الحلول غالباً ما تكون أحادية الجانب وبالتالي فهم يتشبثون بهذا الحل مهما كانت عواقبه بل كثيرون هم من يقعون في مشكلات كثيرة نتيجة التمسك بالحل الأحادي، فالطالب الذي لم يذاكر لا يجد حلاً لمشكلته سوى اللجوء إلى الغش ويعتبر هذا حقاً له دون النظر إلى حرمة ما يقوم به وهو بذلك لا يرى سوى الحل الذي نظر إليه من ثقب الإبرة ولو أنه ذاكر وعمل ما عليه متوكلاً على الله لتعددت الحلول لديه، وكذلك الزوجة التي تطلب الطلاق من زوجها -ما لم تتعلق الأسباب بدين أو صحة- فإنها لا ترى زوجها سوى من ثقب الإبرة فلو نظرت هذه الزوجة إلى ما يتمتع به زوجها من أخلاقيات ومحاسن ومميزات عن غيره من الأزواج لما طلبت منه الطلاق بل وتمتعت بحياتها معه على أفضل ما يكون، والشخص -أينما كان موقعه- الذي يلجأ إلى الرشوة بحثاً عن المال فهو لا ينظر للكسب المادي إلا من خلال ثقب الإبرة فلو اجتهد في عمله وأخلص له لانهالت عليه المكافآت والترقيات والكسب المادي الحلال، والبائع الذي يحلف للزبون كذباً على بضاعته بغرض تحسينها في نفس المشتري لا يرى التجارة سوى من ثقب الإبرة ولو حسن بضاعته وباعها بثمن معقول لاكتسب الثواب من عند الله والربح العظيم، وهكذا لو عددنا كل من ينظر من ثقب الإبرة لوجدنا أغلبنا يفضل ذلك متناسياً أن الله سبحانه وتعالى وعد الكفار بالجنة إذا ولج الجمل في سم الخياط، قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} (40) سورة الأعراف، وهذا التشبيه الكريم من الله سبحانه وتعالى فيه تأكيد على إيقاع أشد العذاب بالكفار الذين لم يؤمنوا بالله ورسله واكتفوا بالبحث عن السعادة الدنيوية وهم أيضاً رأوا الدنيا من ثقب الإبرة فنالوا ما يستحقونه من العذاب ولو تعود كلُّ منا أن يرى مشاكله بأفق واسع وعين بصيرة ما سمعنا عن حوادث انتحار ولا طلاق ولا سرقات وغيرها من ظواهر اجتماعية ناتجة عن النظر من ثقب الإبرة.
مدارس الرياض للبنين والبنات