Al Jazirah NewsPaper Tuesday  15/06/2010 G Issue 13774
الثلاثاء 03 رجب 1431   العدد  13774
 
ممر
استثمار الحالة العربية
ناصر الصرامي

 

عندما تشعر أنك تمر بوضع سياسي سيئ، أو لم تحقق مكاسب إعلامية أو صوتية أو حتى رأس مالية كافية، أو ترغب في بطولة قومية يتردد معها صداك في الأوساط العربية والإسلامية، فالحل بسيط.

ما عليك القيام به، هو أن تستقبل الاتجاه نحو الأمة العربية، وتطلق كلاماً كبيراً، متبوعاً ببعض الحركات الشكلية.

عندها ستدور الشعوب العاطفية في فلكك وتحبك، وستقدر موقفك الطارئ، وسيحتفل العالم العربي المتهالك بصوتك وموقفك، ويدعوك لتكون بطله ورمزه المنتظر، هذا غير المحاضرات والمؤتمرات وترديد الشعارات الحماسية لصالحك، ستمتلئ شاشات المحطات الفضائية القومية والإسلامية برسائل نصية وصوتية تمجد موقفك، و نصرك للأمة العربية وقضاياها المصيرية.

وتلبسك للحالة العربية سيمنحك فرصة جيدة للغاية لفهم هذه النفسيات المحبطة أو المربكة، أو الباحثة عن من يعينها على ترسيخ قناعاتها البسيطة بالحل التقليدي لإعادة الأمجاد الماضية والعالقة بين الافتراض والعجز.

هذه نصيحة أقدمها لكل القيادات السياسية والإعلامية الطامحة، فالشعوب العربية التي تواجه حالة صعوبة، وإعاقة في فهم الواقع السياسي، وتعاني من أزمة حادة مع ذاكرة سريعة التلاشي، على الرغم من التصاقها المبالغ فيه بأحلام التاريخ، يمكن كسب ودهم وتحويلهم إلى مجال استثماري جيد جداً في العالمين العربي والإسلامي.

وأستغرب أنه وبالرغم من هذه المغريات، إلا أن جملة السياسيين والصحفيين - الغربيين مثلاً - والمتعاطفين مع القضايا العربية في العقد الأخير لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.

حالة كهذه، لا تقدر على ابتكار حلوها الخاصة ولو على المستوى الشخصي، وتعاني من اضطرابات في فهم شكل ومشيئة العالم الجديد، وإشكاليتها أنها تتمنى فقط أن تبقى الأصوات والعاطفة لغتها المفضلة الأسهل، فالبحث عن بطل داخلي أو خارجي يخلصها من إعاقاتها، هو تأكيد لقاعدة العجز العامة والمستمرة.

وهي حالة - تتجاهل أيضاً - أو لا تريد أن تفهم ما يعنيه التفوق والنمو والتطور، ببعده التنموي والإنساني في العصر الحديث.

فمن جانب يستفيد الفساد في القمة، من هذه الحالة المشينة، فيما يزداد الظلام والضلال نفعياً لتنمية قدراته وقواه ونفوذه، عبر دغدغة المشاعر البسيطة، والتي تكشف هذا المخجل العربي لحالة يغذيها الجهل والفقر والتنمية الغائبة والعنف.

وفي حال سياحية وسياسية مثل هذه، لا تتوقع الكثير، إلا من إعادة مشاهد بائسة، والمزيد من السقوط، لتبقى النتيجة دائماً (إخفاق)، طالما العواطف ملتهبة وهي وحدها التعبير والقيادة، لنهايات ستبقى مفتوحة، لكنها محزنة.. وأقرب إلى الأبدية.

إلى لقاء



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد