Al Jazirah NewsPaper Friday  18/06/2010 G Issue 13777
الجمعة 06 رجب 1431   العدد  13777
 

المجتمع والفقراء
مهدي العبار

 

المكانة الاجتماعية تشمل الثروة والتعليم والدور السياسي والاجتماعي للفرد؛ فكل إنسان يسعى إلى البروز في المجالات المختلفة لتحقيق المكانة الاجتماعية!! والدين الإسلامي بيّن بوضوح لا يقبل الشك أن المقياس الحقيقي للمكانة الاجتماعية هو التقوى والعمل بأوامر الله واجتناب نواهيه، وعلى مر العصور وحتى هذا العصر برزت أسماء لها مكانة كبيرة في المجتمع الذي عاشوا فيه وهؤلاء عرفوا من خلال قيم وهبها الله لهم كالكرم والنخوة والشجاعة والأخلاق ومساعدة الناس وغير ذلك من الفضائل التي ستبقى بحول الله في أمة محمد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وحاجة الناس إلى هؤلاء تظل قائمة لأن المجتمع كل لا يتجزأ، وأن الغني هو الله وحده لا شريك له، وكما قال الشافعي رضي الله عنه:

الناس بالناس ما دام الحياة بهم

والسعد لا شك تارات وهبات

وأفضل الناس ما بين الورى رجل

تقضى على يده للناس حاجات

وما أكثر الحاجات في هذا الزمن وما أكثر أصحاب هذه الحاجات الذين يبحثون عن طوق نجاة ينقذهم من مصائب الدهر وظروفه القاسية؟! فها هم الفقراء والمعسروين والمدينون والمحتاجون يطرقون أبواب أهل الخير طالبين منهم - بعد الله - مد يد العون، ومنهم من يتعفف، وهؤلاء لم يعلم أحد عن تعففهم من أصحاب الثراء الفاحش، وحتى لو علموا لن يجدوا من يقدر ظروفهم الماسة!!

ليس عيباً أن يقوم المستفيد بشكر المعطي والثناء عليه في أي وسيلة يراها؛ لأن رسول الأمة - صلى الله عليه وسلم - قال: من أهدى لكم معروفاً فكافئوه، وأمر بالدعاء له، وكما هو معلوم فإن مَن لا يشكر الناس لا يشكر الله، والعطاء من قبل القادرين للمحتاجين لا يعني على الإطلاق هدراً لإنسانيتهم بل هو إحسان وتعاون على البر والتقوى؛ فالعطاء في الإسلام لا يمنع أحداً من الاعتماد على الله ثم على نفسه، وما دمنا مجتمعاً مسلماً متحاباً فما الذي يمنعنا من مساعدة الفقراء وسد حاجاتهم والابتعاد عن نزعة الشح وعدم الاستعلاء أو التكبر على الفقراء والمساكين، وأن نطبق قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ } الآية 60 من سورة التوبة؟

ولنعلم أن مجتمعنا مثلما فيه من الأغنياء العدد الكبير فإن فيه من الفقراء العدد الأكبر، فما المانع أن ينفق أهل الأموال على هؤلاء الفقراء وإطاعة الله الذي قال: {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ...} (272) سورة البقرة، فمتى نصل إلى مجتمع ليس فيه فقراء.؟!

وهذا لن يتحقق إلا بالبذل والعطاء والإحسان وتلمس حاجات الناس والعطف عليهم!! اللهم أعطِ كل منفقٍ خلفاً، وأعطِ كل ممسك تلفاً.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد