Al Jazirah NewsPaper Friday  18/06/2010 G Issue 13777
الجمعة 06 رجب 1431   العدد  13777
 

الشيخ ضيدان أبوثنين.. ورحلت يا عميد المراجل

 

هكذا كان رحيل الفقيد المرحوم الشيخ ضيدان بن محمد بن مطر أبوثنين -رحمه الله- أمراً فادحاً وخطباً عظيماً وحدثاً جللاً، فحق للعين أن تدمع والقلب أن يحزن والدموع أن تسيل من المآقي.

لمثلك يدخر الرجال دموعهم

لمثلك تنساب المدامع عسجد

أنه لا يفجع الفؤاد ويفطر النفس مثل فقد عزيز.. إنه أكثر الأحزان والآلام إيغالاً في الروح وطعم مرارته علقم.. يغص به ويستشعر ملوحته كل من تمتد بهم الحياة ويشاهد رحيل من تعلق قلبه بهم وكانوا لحياته ودنياه وعاله مليء السمع والبصر.

إن في الحشا مليون جرح على فراق الشيخ ضيدان أبوثنين -رحمه الله- والوجع ضارب في أعماق النفس فوفاة (أبو منصور) ذكرتني بوفاة والدي -رحمه الله- فقد كنت أرى فيه صورته ومعزته وتقديره وكنت أستذكر ما كان يقوله والدي -رحمه الله- في الشيخ ضيدان أبوثنين -رحمه الله- من مآثر وخصال حميدة لا تحضر ولا تنتمي إلا للرجال الكبار كأمثال (أبو منصور).

إن الدمع لن يكفكف آلام الرحيل لأن للموت مرارة وألم وشعور بالغ بالفقد.. لكم حدثني والدي -رحمه الله- عن الشيخ الجليل المرحوم ضيدان أبوثنين -رحمه الله- وكيف كان رمزاً للكرم والعطاء والبذل والوفاء وعنواناً للشهامة والانتماء والإباء وأنه كان مثالاً في الفروسية والحكمة والمعرفة ومحل احترام وتقدير الصغير والكبير والغني والفقير وكل من تعامل معه.

إن كلمات الرثاء وعبارات الحزن عصية علي وعلى جميع من عرف الشيخ ضيدان أبوثنين -رحمه الله- فقد عرفناه جميعاً بشوشاً في وجه من يلقاه ولا تسعه الفرحة بقدوم كل ضيف لدرجة أنك تشعر عند زيارته -رحمه الله- بأنك أنت صاحب البيت وهو الضيف، وكان حبه وسعيه للخير وإنفاقه على الفقراء والمساكين والأرامل والمحتاجين واليتامى ما لا يعرفه إلا الله وقد اجتمعت القلوب على محبته، والألسنة على الثناء عليه، والجميع على تقديره واحترامه، وكل هذا سيكون بإذن الله تعالى من علامات القبول لأن الله عز وجل إذا أحب عبداً وضع محبته في قلوب عباده.إن وداعنا للشيخ المرحوم ضيدان أبوثنين -رحمه الله- ليس وداعاً لرجل عظيم أثر في قلوبنا فحسب، وإنما هو لنا ولكل من عرفه على شهامته وأصالته وحكمته، إنه وداع لجبل أشم، وقلب أتم، وصاحب أدب جم، كان مثالاً وقدوة في الأخلاق العالية الرفيعة فلا الدمع ولا الحزن ولا الكلمات ترفع عنا الهم الثقيل، ولكننا سنظل واضعين نصب أعيننا أخلاقه وصفاته ومآثره نبراساً نهتدي بها في حياتنا كما تعلم منها مخالطوه ومن عرفوه عن قرب.. فقد تعلم الفقير منه حب القناعة والرضا، وتعلم الكبير كيف يعلو المرء وينخفض لأهله وأقاربه وأصدقائه وكيف كان يشعر الجميع أن لكل واحد عنده منزلة ومكانة، كما تعلم منه الصغير الرحمة والعطف والشفقة، إننا لا نبالغ إذا قلنا إن الشيخ ضيدان أبوثنين -رحمه الله- كان مدرسة يتعلم منها وفيها الجميع مكارم الأخلاق وسمو الصفات لأن حياته كانت عطاء متواصل وسيلاً مدراراً من النفع، فلم يبخل بمال أو وقت أو جهد فكان كالنحلة لا تكل ولا تمل فتنتقل من رحيق إلى رحيق في نشاط وهمه عالية للخير والنفع فأبو منصور لم يترك باباً من أبواب الخير إلا وطرقه ولا سبيل من سبل المعروف إلا وسلكه فكان سباقاً لإصلاح ذات البين وجميع الأعمال الخيرية.

إن هذه الحياة محطات قد نمر على بعضها ولا نتوقف قليلاً وقد نقف عند البعض ونطيل التأمل والوقوف وسيرة الشيخ المرحوم الفقيد ضيدان أبوثنين -رحمه الله- وقفنا عندها ملياً لنتعلم الدروس ونستلهم العبر لأنها تركت فينا أثراً واضحاً محفور في قلوبنا وعقولنا ومثل هذه الشخصية الفريدة ستظل خالدة أبد الدهر وسيظل (أبو منصور) حياً بيننا بسيرته الطاهرة ويصدق فيه قول الشاعر:

وكم من أناس يعيشون أموات

وكم من أناس تحت التراب أحياء

ندعو الله العلي القدير السير على نهج الشيخ ضيدان بن محمد بن مطر أبوثنين -رحمه الله- واقتفاء أثره في روحه الصافية وتسامحه مع الآخرين وكرمه وشهامته وحبه للخير.

كما نسأله عز وجل أن يبارك في أبنائه من بعده الذين هم خير خلف لخير سلف فرحمك الله يا شيخ ضيدان وأعلى ذكرك ووسع مدخلك ورزقك الفردوس الأعلى إنه على كل شيء قدير.

فهد شباب الحربي -المدينة المنورة

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد