Al Jazirah NewsPaper Monday  28/06/2010 G Issue 13787
الأثنين 16 رجب 1431   العدد  13787
 
إلى الأمام
سعادة السفير ليس الخائف الوحيد
د. جاسر عبد الله الحربش

 

إذا بدأت في قراءة موضوع من فكر الشيخ جميل الحجيلان فعليك أن تتوقع توقد الشاب وحكمة الشيخ وكياسة الدبلوماسي مقدمة إليك مجتمعة في باقة من التواضع النبيل والوطنية الصادقة. معرفتي بأبي عماد لابأس بعمقها، تقوم على تشابه الأفكار وائتلاف الأرواح والتقدير المتبادل، وبناء عليه ليس في ما قدمت به عنه نفاقا ولا مبالغة.

قرأت لأبي عماد مقالا نشرته جريدة الشرق الأوسط يوم الثلاثاء 3 رجب 1431 هـ - 15 يونيو 2010م كان عنوانه جاذبا ومستفزا، هكذا: عندما يضعف الخوف الولاء للوطن. إنني أود هنا أن أستعيد بعض أفكاره لأهميتها محتوى وتوقيتا.

يدور الموضوع حول سفير دولة عربية كبرى كذب في قناة ( سي إن إن) بشكل مفضوح أمام عتاة الصحافة الأمريكية، فقال كبير الصحفيين بعد نهاية اللقاء مباشرة أنه لم يقابل إنسانا أكثر كذبا من ذلك السفير.

كما يقول كاتبنا الكريم فإن سعادة السفير العربي كذب مضطرا وخائفا لأنه كان يدافع عن نظام الحكم على حساب الولاء للوطن فجاء دفاعه صوتا لسيده وإنكارا لذاته وقبولا صامتا بالمعاناة، بدءا بمعاناته كمسئول يعرف الحقيقة وانتهاء بإنكاره معاناة الوطن. قال أبو عماد- حفظه الله- في مقالته: إن كذب السفير لم يكن جهلا بالحقائق أو عقوقا بوطنه بل فزعا من سيد النظام لأن الخروج عما يوعز به ينتهي بطرده إن لم ينته بهلاكه. إنني أقول بتواضع إن كل ذلك في سياقه صحيح ما عدا نفي عقوق الوطن عن ذلك السفير لأن نية العقوق مراعاة للظروف كانت جاهزة سلفا عند تعيينه وقبوله بتمثيل سيده قبل وطنه طمعا في الجاه وبحبوحة العيش.

مقالة أبي عماد تضعنا أمام معضلة في مفاهيم الحكم على الطريقة العربية التي تقدم السمع والطاعة على قول الحقيقة والرأي الصائب في أمور قد تتطلب، بل توجب المقارعة في الرأي حتى الاشتباك حسب نص المقالة. إنني أتساءل على ضوء ذلك هل نحن فعلا أمام هذه الحقيقة فقط فيما يخص العلاقة بين الحاكم والمحكوم لا غير، أم أننا أمام حقيقة واسعة تتمدد وتتشابك خيوطها لتشمل وتشوه كل مواقفنا أمام الصواب والخطأ، بين الأبناء وأبيهم في البيت والطلبة ومعلمهم في المدرسة والمتهم والقاضي في المحكمة والموظف والمدير في المكتب وأخيرا لا آخرا بين الزوج والزوجة في غرفة النوم، ومن شذ عن القاعدة عد ليبراليا مفارقا للجماعة.

إذن لعلنا نصدر حكما مخففا على ذلك الرجل لأنه مجرد فرد مقموع وابن مطيع لمجتمعات تتعايش مع القمع التراتبي المتبادل كإرث اجتماعي قديم.

تحياتي الأخوية التراتبية أيضا لك يا أبا عماد وشكرا لضربك الأمثال للناس لعلهم يتفكرون.

ختاما، أنصح القراء الكرام بالرجوع إلى المقال كاملا في الانترنت، جريدة الشرق الأوسط عدد 11522 فبه تشريح عميق لثقافة الصمت.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد