Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/07/2010 G Issue 13790
الخميس 19 رجب 1431   العدد  13790
 
علي بابا
علي الخزيم

 

بعض الأساطير والقصص التراثية، وحتى كلمات عربية أصيلة قديمة يساء فهمها واستخدامها أو يبتعد بها عن المعنى الأصلي المراد، وكان المنبه لذلك أن كثيراً من الجاليات الآسيوية عندما تريد أن تصف لك شخصاً يمارس الابتزاز أو يحصل على شيء غير مشروع بأنه (علي بابا)، فهم يقربون لك المعنى عندما تعجز ذاكرتهم عن استحضار كلمة (حرامي)؛ إذن هم يوازنون بين (علي بابا) والحرامي في الطباع والصفات القبيحة وأكبرها هنا الاعتداء على ممتلكات الناس وحقوقهم وبخسهم أشياءهم، وحين طفولتي كنت اقرأ قصة الفتى علي بابا التي تقول: إنه شهم أمين أنقذ الكنز من (40) حرامياً وسلمه للوالي ثم كافأه الوالي على أمانته وشجاعته، لكن يبدو أن آفة الرواية والترجمة أو الفهم الخطأ قد نقلت الصورة الخاطئة عنه، أو أنه علىَّ أن اقرأ القصة مجدداً.

قصة أخرى (ليست من الأساطير) هي قصة أهل الكهف ومكانهم الحقيقي؛ فقد كنت في زيارة عمل لليمن وفي جولة سياحية كنت سعيداً بأن شاهدت قبور وموقع أهل الكهف وقبر كلبهم في أعالي جبل (صبَّر) في تعز والفتحة التي تنفث هواءً بارداً على المكان، وقال المرافقون إنها توصلك إلى شارع أبي بكر في السفوح، وبعد الجولة كنت مأخوذاً بما شاهدت وأخبرت الزملاء بما حققته!! ولكن جاءت ردة الفعل منهم باهتة، إذ قالوا: أي المواقع شاهدت؟! فقلت: وهل هناك غيره؟ أجابوا: نحن شاهدنا اثنين غير ما وصفت، وهناك بلدان أخرى تزعم أن مواقع وأماكن وقبور أهل الكهف عندها.

مثل ذلك: شخصية جحا، والجحجح: هو العاقل الظريف (يخلط الجد بالهزل في علاج المشكلات)، وقالت رواية أخرى: هو السيد من الرجال الجحاجح، ومن قراءات متعددة لروايات مختلفة وقصص قديمة وحديثة يفهم أن شخصية جحا لم تتأكد أنها في تركيا أو جزيرة العرب، فالشخصيات قد كثرت والروايات تقول عنها الكثير.

وفي اختلاف فهم معاني الكلمات؛ لو تمعنا في كلمة (جحش) فهي في اللغة تأخذ معنى القوي النشيط مكتمل البنية الجسمانية، ولم تكن العرب تستغرب التسمية بها أو من شمول معانيها لاحدهم، غير أن الزمن وتداول الكلمة لوصف غير البشر قد أحالا الكلمة إلى معنى مخالف، فهنالك من يطلق على الحمار الفارة النشيط وصف (الجحش) وبذلك الخروج عن المعنى الأصلي صار الناس لا يحبذون إطلاقها على البشر، وفي عهود متأخرة بدأ الناس يغضبون من وصفهم بهذه الكلمة، ويبدو لي أن شأن هذه الكلمة يقارب شأن كلمة (المشهَّر) أي الحصان أو البغل أو حتى الحمار من سلالة نادرة أو قوية شديدة التحمل، ومع كثرة الاستعمال وتداولها زمنياً تحولت لتنطق نطقاً يشابه اسم عشيرة عربية أصيلة عريقة، وبالتالي يكون الاستخدام مجانباً للصواب ويستدعي تصحيح الفهم للكلمة وما تحمله من معنى، وأتمنى أني لم أجانب الصواب.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد